أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2022

«ديكتاتورية» الباص السريع!*احمد ذيبان

 الراي 

خضت تجربة الركوب بالباص السريع، بدافع الفضول وتشكيل انطباع حقيقي عن التجربة، وهنا يجدر التنويه بأن وصف «السريع» هو تسمية دارجة على ألسنة العامة، ولا تعني أنه شديد السرعة، بل التسمية الحقيقية هي «الباص سريع التردد»، بمعنى أن رحلاته متتالية خلال وقت قريب، أظن أنه كل عشر دقائق تنطلق رحلة، وهي خدمة مميزة مقارنة بوسائل النقل العام الأخرى، التي تتسم بالفوضى وعدم الانتظام بالتوقيت وتحميل ركاب بعدد يزيد عن مقاعد الباص، سواء كان ضمن فئة «الكوسترات» أو الباصات الكبيرة الحجم، بالاضافة الى استخدام «البطاقات الممغنطة» لدفع الأجرة، وهي طريقة حضارية بدلا من الدفع بواسطة العملة النقدية، وغالبا تتطلب هذه الطريقة وجود"كونترول» يجمع الأجرة ويقوم بالمناداة على الركاب.
 
شعرت بالارتياح خلال ركوبي الباص، فوسيلة النقل هذه تريحك من استخدام السيارة الخاصة، بكل ما يرافق ذلك من قلق وتوتر ناتج عن أزمات المرور الخانقة، ويعفي من مسؤولية قيادة السيارة الذي يتطلب الحذر الشديد، وسط سيل المركبات التي تحتشد في الشوارع، ووجود عدد كبير ممن يقودون بعنجهية وغطرسة وتهور، واستهتار بقواعد المرور أو الجهل بها، فضلا عما يتيحه لك الركوب بالباص من فرصة لمراقبة المشهد الخارجي، وهو للأسف داخل عمان ليس منظرا جميلا حيث تزدحم الشوارع على الجانبين بالمركبات، وتلاحظ علامات الضيق والتوتر على من يقودون سياراتهم، خاصة أن لـ"الباص السريع» مسارا منفصلا ومستقلا، وله أيضاً إشارات ضوئية خاصة به، في بعض المقاطع من الطريق التي تتطلب عبور بعض الدواوير «مثل دوار الصحافة»، أو التداخل مع حركة المرور لبعض الوقت مثل الدخول الى والخروج من دوار المدينة الرياضية.
 
وفي هذه الحالة يبدو «الباص السريع» سيد الموقف، حيث يقف الجميع «احتراما»، بل مجبرين للسماح له بالمرور دون منافس، وهذا أحد أنماط «الديكتاتورية»، التي تتسبب بوقف حركة مرور عشرات وأحيانا مئات المركبات، لافساح المجال لمرور الباص الذي يقل في بعض الرحلات عدة أشخاص.
 
رغم كل ما قيل وكتب من انتقادات للمشروع، بسبب ما نتج خلال فترة التنفيذ من أزمات ومعاناة للمواطنين لمدة تقارب عشر سنوات، لكنه أصبح أمرا واقعا لا بد من التعامل معه، ولنقل أنه خطوة في مسافة الألف ميل لتحسين منظومة النقل العام، فهناك العديد من الخطوات الضرورية، فما تم تشغيله من المشروع محدود جدا، خط يربط صويلح الى المدينة الرياضية وصولا الى المتحف، وخط ثان يربط صويلح مرورا بالمدينة الرياضية وينتهي بمجمع رغدان والعكس، وثمة حاجة ملحة لتوسيع شبكة خطوط الباص لتشمل مناطق العاصمة المختنقة، ولا أرى ضرورة بأن يتم تكرار التجربة الماضية، لإنشاء بنية تحتية مكلفة ومرهقة للناس، وأعتقد دون الإدعاء بمعرفة هندسة الطرق، أنه يمكن تخصيص مسار للباص سريع التردد بوضع حواجز مميزة باللون الأصفر، على جانبي الشوارع الرئيسية منفصلة عن حركة السير، وأن تكون مواعيد الباصات منتظمة وسريعة التردد، بالاضافة إلى ذلك أن تقوم أمانة عمان بخدمة الأحياء السكنية بشبكة باصات صغيرة، لنقل المواطنين الى الخطوط المخصصة للباص السريع.