أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Jul-2017

"داعش" يصارع لتوفير مصادر مالية جديدة

الغد-ترجمة: ينال أبو زينة
 
منذ إنشائها مقرها في مدينة الرقة في سورية، في العام 2011، طورت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" أسلوبها الخاص في مجالات الحكم والبنية التحتية والأعمال التجارية.
وفي الوقت الراهن تعمل الجماعة التي دخلت الآن عامها السادس على التوالي في الرقة، على تدعيم وسائلها الأساسية لتحصيل الإيرادات –والتي تتمحور جلها حول الأنشطة الإجرامية وغير المشروعة. وكما الجماعات الإرهابية التي جاءت قبلها، تحصد "داعش" الإيرادات من مصادر متنوعة، بما فيها: تهريب المخدرات والقطع الأثرية، وكذلك الاتجار بالبشر وعمليات الاختطاف، بالإضافة إلى فرض الضرائب والاختلاسات البسيطة، وربما -الأعظم بينها كلها- السيطرة على النفط وبيعه.
وبينما تنظر إدارة ترامب في استراتيجيات هزيمة "داعش" في سورية، ينبغي على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن يضع بين اعتباراته العوامل الرئيسية التي تحفز "داعش" على القتال من أجل الرقة: هل هناك من نقطة حرجة معينة تصبح فيها التكاليف مرتفعة جدا والفوائد منخفضة جدا للتمسك بالمدينة؟ في الواقع، يمكن لقوات التحالف أن تستفيد من التحديات المتأصلة ليس فقط في تمسك "داعش" بالمدينة، وإنما في إدامة تواجد السكان المتحضرين في المدينة لإضعاف قدرات الجماعة أيضا. ومن شأن حرمان "داعش" من الوصول إلى الحقول والمرافق النفطية أن يشكل عائقا حقيقيا أمام قدرتها على الاحتفاظ بتنظيم ممول بشكل جيد وقادر على توفير الخدمات كدولة حقيقة.
ومن ناحية أخرى، تتسم الرقة بأهمية أيدولوجية بالنسبة للجماعة الإرهابية، لاسيما وأنها تصفها دائما بعاصمتها. وتزعم "داعش" بأن الرغبة الأيدولوجية التي تحرك تنظيمها تنبع من رغبتها في إقامة خلافة إسلامية، لكنها رغم ذلك تخلت عن مناطق شاسعة ذات أهمية رمزية في الماضي وذلك لأسباب عملية. ففي تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي، فقدت "داعش" سيطرتها على قرية "دابق" في شمال سورية رغم كونها تشكل للجماعة رمزا أيدولوجيا عميقا. وفقا لنبوءة إسلامية وبما يتماشى مع رواية "داعش" لنهاية الزمان، تمثل دابق "آخر مواجهة" بين المسلمين والكفار. ومع ذلك، تصدت "داعش" لقوات المعارضة السورية بالـ"الحد الأدنى" من المقاومة لتنسحب في نهاية المطاف عندما أصبحت القرية صعبة المنال عمليا.
وعلى الرغم من خسارة الجماعة معركتها على دابق، أكد العديد من الموالين والمتعاطفين مع "داعش" أنها ستبقى شرعية طالما أنها تملك رأس مال لا يستهان به وتحافظ على حكمها. وتواظب "داعش" على بذل جهد عظيم من أجل إبقاء قبضتها محكمة على الرقة. وتعني خسارة المناطق داخل وحول الموصل أن الجماعة تخسر أيضا المجندين والسمعة في آن واحد. وعلى هذا الأساس، يمكن لإبقائها على سيطرتها في الرقة أن تحافظ على مصداقيتها بين مناصريها. ولكن، مع ذلك، لن تمنع السمعة وحدها "داعش" من التخلي عن الرقة وسط الاعتبارات العملية.
ويعتبر فرض الضرائب على أهالي الرقة أحد مصادر مدخول الجماعة الرئيسية. ووفقا لوكالة مكافحة المخدرات الأميركية، فإن العديد من المنظمات الإرهابية المعاصرة "تمول نفسها من عائدات تهريب المخدرات أو فرض الضرائب على طرق تهريبها في جميع أنحاء العالم"، في حين يعتقد بعض الباحثين أن العلاقة بين الاتجار بالمخدرات وتمويل الإرهاب "مبالغ بها" في ضوء أن الأموال المتحصل عليها من تجارة المخدرات غير مباشرة إلى حد كبير، مثل فرض الضرائب على الوقود المطلوب لقيادة السيارات أو نقل المخدرات. وتفرض "داعش" الضرائب على السلع أيضا (مثل النفط والأدوية وغيرها من السلع الأساسية الأخرى) وعلى الأفراد العابرين لنقاط التفتيش الحدودية. وبحسب محللين في "أي إتش إس"، جاءت قرابة 50 % من عائدات داعش في شهر نسيان (إبريل) من العام الماضي من الضرائب والمصادرة.
وتفرض "داعش" الضرائب أيضا على البنوك والممتلكات. وتنبع أهمية سيطرة الجماعة على مناطق شاسعة من اهتمامها بحصد أموال الضرائب التجارية والسكنية. واعتبارا من نسيان (إبريل) 2016، جمعت "داعش" أموال الضرائب بالمعدلات التالية: 10 % من المقيمين و15 % من الأعمال التجارية، وقرابة 2 % على شكل ضريبة مبيعات، و5 % من الضريبة المفروضة على السحوبات المصرفية. وأجبر المسيحيون القاطنون في المناطق الخاضعة لـ"داعش" على الدفع مقابل "تأمين الحماية" أو "جزية" لتجنب أن يتم طردهم خارج الرقة. وعلى غرار ذلك، تجني داعش "الغرامات الدينية" من هؤلاء الذين يفشلون في الإجابة بشكل صحيح عن أسئلة تتعلق بالقرآن. ويدفع السكان تحت سيطرة الجماعة أيضا رسوما مقابل إصلاح منتجاتهم، مثل إصلاح أطباق بث الأقمار الصناعية، بينما تفرض "داعش" الضرائب أيضا على الأعمال التجارية مقابل تزويدها بالكهرباء والأمن.
وتوفر الخرائط المعاصرة والصورة الجوية لسورية نظرة ثاقبة عن قدرة وصول الجماعة إلى الطرق الرئيسية ومصافي النفط، فضلا عن قربها من الحقول النفطية وطرق التهريب العالمية. وعندما استولت "داعش" على "دير الزور" في العام 2014، تمكنت من فرض سيطرتها على أكبر حقل نفط في سورية، حقل العمر. واستولت الجماعة أيضا على حقول تنك وجفرا وورد النفطية بالقرب من دير الزور، وحقلي شاعر وجزل بالقرب من حمص. وتسيطر الجماعة الإرهابية أيضاً على العديد من حقول النفط الواقعة في ضواحي الرقة. وتقع أغلبية حقول النفط السورية –غير الخاضعة لسيطرة داعش- داخل كوردستان السورية التي تديرها، ما يجعل النظام السوري يعتمد بشكل كبير على الآخرين من أجل النفط. ولتحديد الكمية، قدر أن "داعش" تجني قرابة مليون دولار يوميا من بيع النفط للنظام السوري، ويعتقد أن ذلك أكبر مصدر مفرد لإيرادات التنظيم.
وتربط الطرق الرئيسية الرقة بحلب وحماه وحمص ودمشق ودير الزور التي توفر طرق النقل لعملاء "داعش" ومصافي النفط بواقع الحال. وتجمع الجماعة النفط الخام في حفر كبيرة تقع في الحقول النفطية، ومن ثم يأتيها التجار المحليون لينتظروا في طوابير ويملأون شاحناتهم بالنفط، وذلك قبل أن يقوموا بواحد من ثلاثة أمور بهذا النفط، فبعضهم لديه عقد من المصافي –التي يغلب عليها أنها غير مملوكة لـ"داعش" في ظل أن هجمات القصف الجوي دمرت مصافيها- لنقل النفط الخام من موقع الحفر إلى إليها. ويبيع تجار آخرون النفط الخام إلى تاجر آخر يقوم هو بنقلها إلى المناطق الخاضعة للمتمردين في سورية والعراق. وثالثا، ربما يبيع التجار النفط مباشرة لمصفاة أو في سوق النفط المحلية. وكثيرا ما تورد "داعش" النفط الخام مباشرة إلى المصافي، ومن ثم تبيع النفط المكرر أو تستخدمه بنفسها. وتتقاسم "داعش" الأرباح مع أصحاب المصافي.
واعترافا منها بأهمية تجارة النفط لبقاء "داعش"، استهدف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قدراتها النفطية. ودمر التحالف مقرات وزارة النفط التابعة للتنظيم الإرهابي في الموصل خلال حزيران (يونيو) من العام الماضي، وقتل وزيرهم النفطي في آب (أغسطس) العام نفسه، فيما شن هجوما جويا بهدف "تدمير" البنية التحتية والمعدات التي تحتاجها "داعش" لإنتاج النفط. ومع ذلك، أثبتت الجماعة الإرهابية قدرتها على الصمود من خلال إعادتها بناء ما تستطيع والحفاظ على عملها النفطي المربح. ويعود فضل ذلك كله إلى بساطة مصافي النفط التابعة لها، والمصنوعة في أغلبها من الحديد. وتستخدم "داعش" قاصدة المعدات الأقدم لتعيد بناء المطلوب بسهولة أكبر. واليوم، تكافح "داعش" من أجل تعظيم إنتاجها وأرباحها من خلال المحافظة على عقودها مع المصافي المملوكة لأفراد مستقلين ومن خلال إعادة بناء قدرات مصافيها باستمرار.
 
*"أتلانتيك كاونسيل، ريتشارد كريسمان"