أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Mar-2018

الزراعة والحواسيب معا *باسم الطويسي

 الغد-نتطلع ان لا تكتفي الحكومة بالتراجع عن  العمل بقرارها السابق  بفرض ضريبة على مخرجات الإنتاج الزراعي تصل الى 10%"، بل أن تذهب بشكل جدي الى التعامل مع هذا القطاع وفق منظور جديد باعتباره عامودا أساسيا من أعمدة الاقتصاد الوطني ، نحتاج إلى كلام جديد حول الزراعة والانتاج بعيدا عن الإنشاء وكلام المناسبات . 

كان جلالة الملك قد دعا حكومة سابقة في العام 2009 أن تطلق جهودها لاستعادة القطاع الزراعي واعتبر ذلك العام عاما للزراعة ومحطة انطلاقة في هذا الاتجاه ، نعلم تماما أننا في ذلك دخلنا في موجة عنف مجتمعي وبعدها بقليل دخلنا في زمن الربيع العربي ولم يسأل أحد عن انطلاقة الزراعة وربيع الفلاحين منذ ذلك الوقت ، المبادرة الملكية حينها كانت تقرأ جيدا آليات التحولات الاجتماعية الاقتصادية وقصص النجاح في العالم وتدرك تماما أن الزراعة والعودة لقيم الانتاج لا تقل أهمية عن التحول التكنولوجي ولا عن زراعة الصفوف بالحواسيب .
  لا يستغرب أحدكم أن البلاد التي تحتاج اليوم إلى منظور خلاق  ليس مستحيلا بل لاستعادة الناس للأرض ؛ هذه البلاد ذاتها شهدت ميلاد أوائل القرى الزراعية في العالم ، وعلى هذه الأرض شيد أول سد مائي في التاريخ في جاوا. وبالقرب من وادي رم ثبت علميا وجود أقدم مزرعة للزيتون في التاريخ؛ وكل هذه المفارقات والكلام لا يفيد إذا ما وفرنا إرادة سياسية متصلة ببرامج خبيرة وواقعية تعمل بسباق مع الزمن ؛ بعد أن تراجعت الرقعة الزراعية في الأردن ووصلت إلى أقل من 3% من مساحة الأردن بمعنى أنها قد تراجعت 30% خلال آخر عقدين ، وبعد أن أثبتت الأرقام الرسمية حجم الفجوة والانكشاف في الأمن الغذائي الوطني .
المحصلة أن الزراعة في الأردن قد تحولت نتيجة سلسلة من تراكم السياسات المتناقضة، وعدم وجود رؤية واضحة وحكيمة لإدارة الموارد المحدودة إلى مجرد قطاع خدمات وعالة على الاقتصاد والمجتمع، ومجال محدود لاستثمارات احتكارية تعتمد على العمالة الوافدة؛ بعد ان تم تفريغ هذا القطاع بالتراكم وعلى مدى ثلاثة عقود مضت من المضمون الاجتماعي في العمل والإنتاج والقيم، وهو الأمر الذي يختتم اليوم بمشهد نهاية الريف الأردني، حيث تم تعرية الأمن الغذائي الأردني على مدى السنوات الماضية ضمن دراما اجتماعية واقتصادية يندر وجود مثيل لها، ويكفي أن نذكر أن معدل إنتاج الأردن من القمح سنويا يكفي لاستهلاك الأردنيين لمدة ستة أيام فقط.
القطاع الزراعي يحتاج إلى سياسات حماية ودعم ، وإلى رؤية تعيد الناس وتحديدا الشباب إلى الأرض الى بناء رؤية وطنية لقطاع أعمال زراعي يقوم على الاستثمارات الصغيرة يديرها الشباب وإتاحة الفرصة امامهم للابتكار والريادة في هذا القطاع وتوفير الدعم الملائم لهم ، في معظم دول العالم يدعم هذا القطاع ؛ البقرة في اوروبا تحظى بدعم 2.5 دولار يوميا وفي اليابان تدعم 7.5 دولار يوميا .  
  إن الأمن الغذائي للمجتمع الأردني مهدد، ويشهد في هذه الفترة حرجا حقيقياً وبالغ الخطورة ، في ضوء الحلول الآنية والتوازنات الهشة التي تدار وفق رؤية ضيقة لمفهوم اقتصاد السوق ، وبعيداً عن توظيف مسألة الأمن الغذائي في السجال السياسي الذي لا يتوقف، يجب الانتباه إلى خطورة التوازنات الهشة السائدة اليوم في ملف الأمن الغذائي الأردني. نحن ندرك بأنه لا يوجد بالفعل بلد في العالم يتمتع بأمن غذائي مطلق أو يستطيع تأمين الحد الأعلى من الاحتياجات الغذائية لذلك هناك تجارة دولية وتبادل سلعي عالمي، لكن هذا الأمر لا يبرر حجم الفجوة الغذائية المحلية وعمقها، وغياب السياسات الواضحة القادرة على الحد من عملية تفريغ السلة الغذائية الوطنية التي تكاد ان تكون فارغة تماماً هذه الأيام.