الراي-اعتز بأنني ابن لمزارع، وعشقت الزراعة وعشتها، منذ ستينات القرن الماضي وما زلت، أحب الارض والماء والشجر واعرف بالتجربة والممارسة انواع المزروعات الخضرية والاشجار، كانت الزراعة هي دخلنا الوحيد، وكانت مزارعنا بجانب نهر الاردن نزرع بايدينا، ليس لدينا عمالة وافدة، كل الاسرة تعمل، كان الانتاج طبيعيا، كما هو الناس، لم نعرف الزراعة المهرمنه، رائحة الثمر ما زالت في انوفنا، كان الماء وفيرا، والأرض خصبة، والحال مستورة، كما هو الحال في الارض المروية، كانت في الارض البعلية، يتعاون الناس في الزراعة والحصاد، ويفهمون معنى التكافل والتكامل في الأوقات التي تحتاج الزراعة الى (فزعة) الجيران وتطورت الزراعة، وازداد عدد المزارعين، وبدأ التصدير للخارج، كانت العلاقات بين دول الجوار طبيعية، تأخذ السيارات المحصول وتسافر وهم يستفيدون ونحن نستفيد، تعقدت الأمور، ومع التطور زادت المشاكل، اثرت الأوضاع السياسية على المزارعين، لم يكن هناك ضرائب على مدخلات الزراعة، لا البذور ولا الاسمدة ولا المبيدات، ولَم يعرف الناس الاقتراض للزراعة ولا هموم الديون، كان لدينا جمعيات تعاونية زراعية، تقوم بالمساعدة أصبحت الزراعة تحتاج الى تصدير وتسويق لوفرة المحصول، وأصبحت الكوارث الطبيعية تؤثر على المزارع، وتراكمت الديون على المزارعين لم يتقدم التسويق وينظم، ليستوعب المحاصيل، فتكدس الانتاج وانخفضت مداخيل المزارعين، وهجر بعضهم ارضه ليعمل في اي عمل يدر عليه دخلا ثابتاً، الزراعة تشكل حوالي ٤٪ من الناتج القومي ولكن اعداد الذين يعملون بها يشكلون نسبة عالية من السكان، نرى الان المزارعين يجتمعون امام مجلس النواب، تجتمع معهم الحكومة، وتصرف لهم الوعود لحل مشاكلهم، يتفرقون على أمل الحل، ثم لا حل، يعود المزارعون مرة اخرى الى الاعتصام، لديهم مطالب حقيقية وواقعية الفقر ومتطلبات الدين والأبناء تدفعهم الى المطالبة اكثر، والاصرار على الحل، ويتدخل مجلس النواب بلجنته الزراعية، وما زالت الأمور تراوح مكانها.