أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    15-Jul-2018

عن الفساد.. (1) ماهيته ومستوياته..! *علاء ابو زينة

 الغد-يضع الأردنيون الفساد في قمة أسباب الأزمات المحلية. لذلك تضع الحكومات محاربة الفساد في مقدمة إعلاناتها عن برامجها لكي تروق للمزاج الشعبي. لكن التصور العام عن الفساد -ومحاربته- ينحصر هنا تقريباً في قيام الحكومة بإحالة ملف فساد أو اثنين في فترة ولايتها إلى القضاء، كإثبات على حسن نيتها وجديتها.

لكن هذا التعامل مع الفساد يوحي بفهم مسطح لمفهومه الأوسع كثيراً من مجرد مسؤول مختلس. وإذا كان ثمة حديثٌ جاد عن محاربة الفساد، فينبغي تعقبه بمختلف مستوياته ومخابئه على المستوى الوطني، والاشتغال عليها معاً. وهو مشروع كبيرٌ جداً عندما يُعرَّف الفساد بما هو وأينما هو، والاعتراف بوجوده، ثم اجتراح السبل لمعالجته جميعاً.
للمهتمين، ثمة حجم هائل من الأدبيات التي تتناول مفهوم الفساد بالتعريف والتشريح وسبل المكافحة. وقد لفت انتباهي خلال التنقيب في العنوان، أن موسوعة "ويكيبيديا" بالنسخة الإنجليزية تعرض مادة كبيرة وثرية عن الفساد، تستعين بنحو 300 مرجع، بينما تضم النسخة العربية من الموسوعة نفسها بضع جُمل قصيرة عنه فقط. وربما يتحدث ذلك عن مدى جدية التعامل مع المفهوم، نظرياً وعملياً، بين ثقافتين. وقد وجدت في النسخة الإنجليزية مادة مفيدة عن الموضوع، ورأيت أن أعرض شيئاً منها هنا في بضع حلقات، عله يسهم في توسيع المعرفة بالمفهوم، وما الذي يجب أن نتوقعه من الوعد بمحاربته حقاً.
من تعريفات الفساد أنه "شكل من عدم الأمانة، يمارسه شخص يُعهد إليه بمركز في السلطة، غالباً ليحصل على منفعة شخصية. وقد يشمل الفساد العديد من الأنشطة، بما فيها الرشوة والاختلاس، ولو أنه قد يشمل أيضاً ممارسات تعد قانونية في العديد من البلدان. ويحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب منصب أو أي موظف حكومي آخر بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية".
ويعرف أستاذ السياسة، ستيفن د. موريس، الفساد السياسي بأنه "الاستخدام غير المشروع للسلطة العامة لفائدة مصلحة خاصة". ويعرّف الاقتصادي إيان سيني الفساد بأنه "عمل يهدف إلى (أ) التزويد سراً (ب) لسلعة أو خدمة لطرف ثالث (ج) بحيث يتمكن/ تتمكن من التأثير على إجراءات معينة (د) تفيد الفاسد، أو الطرف الثالث، أو كليهما (هـ) والتي يكون للوكيل الفاسد سلطة فيها". ويوسِّع دانيال كوفمان، من البنك الدولي، المفهوم ليشمل "الفساد القانوني" الذي "تتم فيه إساءة استخدام السلطة ضمن حدود القانون -لأن الذين في السلطة غالباً ما يمتلكون القدرة على سن قوانين تحميهم". ويؤثر الفساد في البنية التحتية بزيادة التكاليف، وزمن الإنشاء، وخفض الجودة، وتقليل الفائدة.
ويتحدث المنهج العلمي-الأنطولوجي عن "الفساد الذي يتيح للأفراد الاستفادة من البيئة باقتراف أفعال غير مشروعة، بحيث يفككون النظام الذي هم جزء منه".
يحدث الفساد على مستويات، تتراوح من المحاباة والخدمات الصغيرة التي يتبادلها عدد قليل من الناس (الفساد الصغير)، والفساد الذي يصيب الحكومة على نطاق واسع (الفساد الكبير)، إلى الفساد الذي يكون متفشياً ومهيمناً جداً بحيث يكون جزءاً من البنية اليومية للمجتمع.
الفساد الصغير، (أو البسيط)، "يحدث على نطاق أصغر عند نهاية تطبيق الخدمات العامة؛ حيث يلتقي الموظفون العموميون مع الجمهور. ويحدث، مثلاً، في العديد من الأماكن الصغيرة مثل مكاتب التسجيل، ومراكز الشرطة، ومراكز الترخيص التابعة الدولة، والعديد من القطاعات الخاصة والحكومية الأخرى".
يعرف "الفساد الكبير" بأنه ذلك الذي يحدث على أعلى مستويات الحكومة بطريقة تتطلب عبثاً كبيراً بالأنظمة السياسية والقانونية والاقتصادية. ويوجد هذا الفساد عادة في البلدان ذات الحكومات الاستبدادية والدكتاتوريات -وإنما أيضا في الدول التي ليست فيها ضوابط كافية على الفساد.
"الفساد المنهجي" (أو الفساد المستشري)، ذلك الذي يرجع في المقام الأول إلى ضعف منظمة أو عملية، في مقابل المسؤولين الأفراد أو الوكلاء الذين يتصرفون بشكل فاسد داخل النظام.
ومن العوامل التي تشجع الفساد المنهجي، الحوافز المتعارضة؛ والسلطات التقديرية؛ والقوى الاحتكارية؛ وانعدام الشفافية؛ وقلة الدخل؛ وثقافة الحصانة. وتشمل أفعال الفساد "الرشوة والابتزاز والاختلاس" في نظام حيث "الفساد يصبح القاعدة وليس الاستثناء". ويميز العلماء بين الفساد المنهجي المركزي واللامركزي، اعتمادا على أي مستوى من الدولة أو الحكومة هو الذي يحدث فيه الفساد. (يُتبع)