أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jul-2019

الاعتماد على الذات: ضرورة لا ترفا* د. موسى شتيوي

 الغد-عندما طرح الملكُ ضرورة تكريس الاعتماد على الذات، كان ينبغي أن يكون ذلك تحولاً إستراتيجياً تلتقطه الحكومات، وتجعله برنامج عمل ونهجاً حكومياً في المجالات كافة. لكن، في الواقع، لم يحصل تغير جوهري على السياسات الحكومية ينبئ بأننا نسير بهذا الاتجاه.

هناك اتفاق على أنه من المستحيل أن نحقق الاعتماد على الذات في فترة قصيرة، وأن التغير يجب أن يحصل بشكل تدريجي، وضمن فترة زمنية مدروسة، وأن ينعكس على الخطط والبرامج الإصلاحية كافة. كما أن هناك شعوراً لدى الكثير من أن الحكومات استخدمت هذا الشعار في فترة معينة، وذلك لتمرير بعض القرارات الاقتصادية الصعبة، وأنه تم ركن هذا المفهوم جانباً بعد ذلك.
الظروف التي حَدَتْ بجلالة الملك لطرح هذا الشعار لم تتغير كثيراً، فما زال الأردن يواجه تحديات داخلية وخارجية كثيرة لا تقل أهمية عمّا واجهه في الأعوام الماضية.
خارجياً، ما زالت صفقة القرن وقرارات ترامب الأحادية نحو القدس والجولان واللاجئين تشكل تحدياً كبيراً، وبخاصة في كيفية إدارة هذا الملف لا سيما مع التحولات في بعض المواقف العربية، وغياب موقف عربي موحد. لا يقل أهمية عن ذلك، بطء التطورات في الدول المجاورة التي ترتبط بعوامل الاستقرار السياسي والذي ينعكس سلباً على قدرة الأردن في إعادة العلاقات الاقتصادية مع تلك الدول إلى مستوياتها الطبيعية.
أما في المجال الاقتصادي، فما زالت الحكومة تواجه تحدي جذب الاستثمار، فضلاً عن أرقام النمو الاقتصادي المتواضعة، وارتفاع نسب البطالة والفقر وتراجع المساعدات. كما تواجه الحكومة تحدي التعامل مع الظروف الاقتصادية والمالية وانعكاساتها السياسية داخلياً، وبخاصة ارتفاع منسوب أزمة الثقة والصداقية بين الحكومة والشارع، كما يشير الاستطلاع الأخير لمركز الدراسات الاستراتيجية.
وأخيراً، وليس آخراً، فيجب التنبه إلى أن استمرار المساعدات الخارجية التنموية سوف تتوقف بعد فترة غير معروفة، وقد تكون خلال العشر سنوات المقبلة، وذلك نتيجة للتصنيفات العالمية للبنك الدولي ومؤسسات عالمية أخرى، وهي مسألة يجب أن تؤخذ بالحسبان، ويتم الإعداد لها من الآن.
إن الاعتماد على الذات قد يكون المفتاح الرئيسي لمواجهة كل هذه التحديات وكونه مرتبطا بالمعادلة الداخلية إلى درجة كبيرة، فمن الضروري أو المفترض الشروع بإعداد ورشة إصلاحية كبيرة من خلال حوارات وطنية متخصصة معمقة لأن الاعتماد على الذات ليس مسألة حكومية فقط، وإنما يجب أن تكون نهجاً للمؤسسات كافة والمجتمع نفسه أيضاً.
وعليه، فإن تحقيق شعار الاعتماد على الذات يتطلب حواراً وطنياً حول عدد مهم من الملفات التي من أهمها: الإصلاح الإداري؛ وسيادة القانون التي أشار إليها الملك أكثر من مرة وما زالت الجهود متعثرة في تحقيقه؛ والإصلاح الاقتصادي مع إعطاء أهمية لإعادة هيكلة سوق العمل الأردني من أجل توفير وتوسيع فرص مشاركة الأردنيين الاقتصادية، وإصلاح التعليم وإيلاء البحث العلمي أهمية خاصة وربطه بعجلة التنمية الاقتصادية؛ وأخيراً وليس آخراً ضرورة إطلاق حوار حول التنمية والسياسات الاجتماعية التي لم تحظ بالأهمية الكافية بعد.
هذه العناوين والتحديات والموضوعات، لا بد من أن تكون المدخل الرئيسي لتكريس سياسة الاعتماد على الذات والتي يمكن من خلالها وضع خريطة طريق لمعالجة هذه التحديات والخروج من الأزمة الحالية وإطلاق الطاقات الكامنة في المجتمع على طريق وضعه في مصاف الدول المتقدمة.