أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Feb-2020

هل تنذر «أزمة الخبز» في السودان بثورة ضد الحكومة الانتقالية؟

 الأناضول: غير بعيد عن ذاكرة الشارع السوداني أن أزمة الخبز كانت المحرك الأساسي لثورة أدت إلى تغيير نظام حكم عمر البشير بعد ثلاثين عاما من انفراده بالحكم (1989-2019).

وأشعل الخبز ثورة شعبية سودانية اندلعت شرارتها الأولى من مدينتي الدمازين (جنوب) وعطبرة (شمال) في ديسمبر/كانون أول 2018، بعد إختفاء السلعة من المدنيتين لفترة أسبوع.
وخرجت الاحتجاجات الشعبية التي امتدت إلى كل المدن السودانية، وتكللت بسقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير بعد عزله من قبل الجيش في إبريل/نيسان الماضي.
 
السلطات ستشدد الإجراءات وتدرس السماح للمخابز بالبيع بأسعار تجارية
 
وأزمة الخبز هي إحدى تجليات الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان على خلفية فقدان إحتياطياته من النقد الأجنبي بعد انفصال جنوب السودان عام 2011 وما خلّفه من حرمان السودان من الموارد النفطية التي كانت تؤمِّن 80% من عائدات البلاد من النقد الأجنبي.
ولم تستطع الحكومة الانتقالية حتى الآن إيجاد حلول ناجعة للأزمة التي لاتبارح مكانها وتتجدد بين فترة وأخرى بسبب عجز البلاد عن توفير موارد كافية لاستيراد القمح.
 
موارد ضخمة والأزمة مستمرة
 
ودعا رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في وقت سابق إلى «تكاتف الجميع لتجاوز التحديات التي تمر بها البلاد». وقال في تدوينة عبر صفحته الرسمية في «فيسبوك» أن حكومة الفترة الانتقالية «تدرك تماما حجم التحديات التي تمر بها البلاد، لا سيما الأزمات الماثلة أمامنا، وتسعى لإيجاد حلول جذرية لها».
ويعاني السودان حاليا من تكرار وتصاعد أزمة الخبز في السوق المحلية، لعدم استيراد الكميات اللازمة من القمح بسبب قلة النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، وتلاعب في حصص بعض المحافظات، وتهريب القمح إلى أسواق مجاورة، حسبما يقول مسؤولون حكوميون.
ورغم توافر المياه ومساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، لا يستطيع السودان الاكتفاء من القمح، لأسباب من بينها عدم مواءمة المناخ الحار لزراعته إلا في شهور معينة من السنة، بالإضافة إلى عزوف المزارعين عن زراعته لارتفاع تكلفته ومحدودية عائداته.
وتُلزم الحكومة السودانية المزارعين ببيع محصول القمح لصالح المخزون الاستراتيجي عبر أسعار تقررها ويعتبرها المزارعون قليلة ولا تتناسب مع تكلفة الإنتاج.
وحسب إحصائيات حكومية فإن إستهلاك البلاد من القمح يقدر بنحو 2.4 مليون طن فيما لا يتجاوز الإنتاج المحلي منه 350 الف طن.
وبسبب قلة القمح وارتفاع أسعاره وقلة الوقود، تصطف طوابير طويلة من المواطنين أمام المخابز ولساعات، فيما أغلق عدد كبير من المخابز أبوابها بسبب عدم توفر الدقيق.
وكشفت ورقة صادرة من وزارة التجارة والصناعة السودانية أن عدد المخابز البلاد يصل إلى حوالي 14 ألف مخبز.
ويوم الأربعاء الماضي أعتذر وزير الصناعة والتجارة السوداني، مدني عباس مدني، في مؤتمر صحافي، عن عجز الحكومة حل الأزمة كما وعدت، واصفاً استمرارها بـ «فضيحة القرن».
وحدَّد مسببات الأزمة بعدة أسباب منها عدم توفر القمح، وضعف الرقابة على السلع المدعومة مما يؤدي إلى تسريبها وتهريبها خارج المنظومة. لكنه أكَّد مع ذلك على أن الدولة ستظل ملتزمة بدعم الخبز، قائلا «هذا الالتزام لا رجعة عنه على الرغم من ظروف الدولة الاقتصادية». وتدعم الحكومة السودانية الدقيق بقيمة 1650 جنيها (32 دولارا) عن كل كيس زِنة 50 كيلوغرام.
ويستورد السودان سنويا قمحا بقيمة 1.144 مليار دولار وفقا لإحصائيات رسمية.
وأعلن مدني عن إجراءات وحلول لحل الأزمة الحالية، من بينها عقوبات تفرض على وكلاء الدقيق الذي يقع على عاتقهم توزيع الدقيق من المطاحن إلى المخابز، وعلى أصحاب المخابز الذين يتسلمون حصة مخابزهم من الدقيق ويسربونها إلى الأسواق غير الرسمية، أو يطرحون «خبزا تجارياً» أغلى لاستخدمات المطاعم والفنادق باستعمال الدقيق المدعوم.
 
احتجاجات الخبز تعود
 
خلال الأيام الماضية شهدت مناطق متفرقة من البلاد إحتجاجات على انعدام الخبز وعدم توفره في المخابز في ظل تخوفات بقيام ثورة ضد الحكومة الانتقالية.
ولأجل ذلك عقد مجلس الدفاع والأمن إجتماعاً طارئاً يوم الإثنين الماضي بحث فيه اتخاذ التدابير اللازمة لنزع فتيل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وذلك عقب وصول الاحتجاجات إلى العاصمة الخرطوم تنديدا بانعدام الخبز والوقود.
ورأى محللون أن اجتماع مجلس الأمن والدفاع قد يكون مؤشراً على تخوف من أن تزداد الاحتجاجات الشعبية وتتكرر مشاهد ثورة ديسمبر.
إلا أن الأمين العام لحماية المستهلك، ياسر مرغني، يرى أن الحكومة الانتقالية تسعى بشكل جاد نحو حل الأزمة عن طريق «حلول مبتكرة وعبقرية».
وقال أمس في مقابلة أن تشريع طرح خبز تجاري سيعمل على تخفيف الضغط عن الخبز المدعوم وعلى مستحقي الدعم.
واستبعد أن تساهم أزمة الخبز الحالية في قيام ثورة مضادة لجهة أن «هناك تفويض من غالبية الشعب السوداني للحكومة الانتقالية لعبور التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد».
ورهن نجاح الحلول المطروحة بتنفيذ قوانين رادعة في حق المتلاعبين بسلعة الخبز عبر إغلاق المخابز غير الملتزمة بالعمل وسحب حصص الدقيق منها.
وطالب السلطات بتكثيف العمل في مراقبة سلعة الدقيق تجنبا لتهريبها خارج البلاد للاستفادة من إنخفاض أسعارها.
في المقابل برر مصدر في أحد المطاحن العاملة بي البلاد تجدد أزمة الخبز بسبب عوامل متشابكه. وقال في مقابلة «عندما يتوفر القمح تكون هناك أزمة وقود يصعب معها ترحيل القمح من الميناء إلى بقية الولايات مما يؤثر على انسياب القمح».
وأوضح أن هناك بطءٌ في اتخاذ القرارات من جانب الحكومة في موضوع تكلفة الدقيق والخبز، وعدم تفهم الدولة للتطورات فيما يخص سعر الصرف الذي يشكل أكبر عقبة لتجاوز الأزمة. وأشار إلى أن الجنيه السوداني سجل هبوطا قياسيا أمام الدولار بعدما وصل سعره في الأسواق الموازية إلى أكثر من 100 مقابل الدولار الواحد.
كما شكا المصدر من تساهل الحكومة مع المطاحن غير الملتزمة بالحصص المتفق عليها مما يؤثر في توزيع الكمية اليومية للدقيق والتي تقدر بـ100 ألف كيس زِنة 50 كيلوغرام.
وتعتمد الحكومة السودانية على خمس مطاحن لطحن الدقيق تتبع جميعها للقطاع الخاص.