أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2018

استراتيجية متقدمة للبحث العلمي حاجتنا للمصرفية الإسلامية

 الراي-غسان الطالب

في مقالات سابقة تحدثنا عن الاقتصاد الرقمي وما يمكن ان يؤول اليه العالم في السنوات القادمة والتسارع الذي يشهده عالمنا اليوم من التطور السريع والمذهل في ثورة الاتصالات والتكنولوجيا وتوجهنا بحديثنا الى الصناعة المصرفية الإسلامية والاستعداد للتطور في التكنولوجيا المالية , وطالبنا في اكثر من حديث بضرورة وضع استراتيجية متقدمة للانتقال بالبحث العلمي الى المستوى الذي يمكننا من مجاراة هذا التطور دون تباطء كون المنافسة في السوق المصرفي شديدة وحساسة عمادها البحث العلمي الجاد والرصين , وذلك نظرا لمساهمته الفعالة في تطوير الانتاج المصرفي الملتزم باحكام الشريعة الإسلامية فيما يخص صناعتنا المصرفية الإسلامية , وعادة ما توكل هذه المهمة للنراكز العلمية المتخصصة والجامعات التي من اهتماماتها القيام بالدراسات التي من شأنها ان تحقق تقدم علمي في شتى مجالات الحياة , وما يهمنا هنا في هذه السطور هو ما يمكن ان تقدمه هذه المراكز والجامعات من دراسات علمية تتعلق بالجانب الاقتصادي والمصرفي خاصة في مجال التمويل الإسلامي , فكثيرا ما يوجه لنا السؤال المتكرر وهو: هل حقا إن الصناعة المصرفية الإسلامية تعاني قصوراً في ادواتها المعرفية والبحثية ؟ سؤال قد يبدوا لنا فيه جانب من المنطق اذا القينا نظرة عامة على واقع هذه الصناعة مقارنة مع الصناعة المصرفية التقليدية، وحتى نكون اكثر واقعية فان هذا الامر يُنظر له من جانبين حتى لا نظلم انفسنا، الجانب الأول هو فارق العمر الزمني بين تجربة المصارف الإسلامية والتي لا تتجاوز الأربعة عقود من الزمن مقارنة بمئات السنين في عمر تجربة البنوك التقليدية ، وهنا بعيدا عن طموحنا في الارتقاء بهذه الصناعة الى مستوى متقدم من التطور وامتلاك مؤسسات بحثية تعنى في التمويل والصناعة المصرفية الإسلامية نجد أن من الظلم محاكمة انجاز هذه الصناعة ومقارنته بنظيره التقليدي، اما الجانب الاخر وهو لا يقل اهمية عن الاول وهو متعلق في البيئة التي نشأت بها الصناعة المصرفية الإسلامية وهي المنطقة العربية بشكل عام ثم امتدت هذه التجربة فيما بعد الى مجتمعات إسلامية وتلاها بعض الدول الاوروبية والغربية بشكل عام ، فحسب التقرير الاحصائي السنوي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية ان الدول العربية على سبيل المثال تنفق ما معدله 0.2% من دخلها القومي على البحث العلمي ، وان نصيب الفرد في البلاد العربية من الانفاق على البحث العلمي يبلغ 14.7 دولار سنوي، مقارنة مع نصيب الفرد في دول القارة الافريقية واالبالغ 9.4 دولار، كما نجد في الولايات المتحدة الامريكية حوالي 4.000 باحث لكل مليون انسان، و 3.598 باحث لكل مليون شخص في الدول المتقدمة ، يقابل ذلك 499 باحث لكل مليون شخص في الدول النامية والتي من ضمنها الدول العربية والإسلامية، اذا هذه هي البيئة التي نشأت بها المصارف الإسلامية، فلا يمكن لنا تحميل القصور في البحث العلمي خاصة في قطاع التمويل الإسلامي للمصارف الإسلامية وحدها ، فالمسؤولية مشتركة يتحملها الجميع، مؤسسات وحكومات وقد يكون لغياب أو لقصور القوانين والتشريعات دور اساسي في تدني مستوى البحث العلمي بوجه عام ، على عكس ما نراه في الدول المتقدمة من اهتمام ووجود قوانين وتشريعات تلزم كافة المؤسسات الانتاجية بتطبيقها في هذا المجال وتخضع للمراقبة والمُسائلة ولا مجال للتحايل على المخصصات المُعدة للبحث العلمي كما هو في العديد من البلدان النامية.
 
لذلك فاننا نرى بانه لازال امام مصارفنا الإسلامية مشوار طويل وتحديات جمة حتى تحقق مكاسب افضل في سوق الاستثمار في السوق المصرفي العالمي ، حيث تقدر الأصول الاستثمارية الإسلامية والملتزمة باحكام الشريعة الإسلامية ما نسبته 1.5% فقط من حجم سوق الاستثمارات المالية في العالم، باصول استثمارية تقدر بحدود 2 تريليون دولار ، مقارنة بحجم الاصول الاستثمارية المالية في مجمل اسواق العالم والمقدرة بـ 150 تريليون دولار ، حصة الولايات المتحدة الامريكية منها بحدود 6.5 تريليون دولار.
 
نخلص الى القول ان قطاع المصارف والتمويل الإسلامي بحاجة الى وضع استراتيجية هدفها الابتكار والتجديد والانتقال بالبحث العلمي وادواته الى مستوى يواكب التطور العلمي والتكنولوجي، تُمهد لتأسيس قاعدة معرفية وبحثية للمصرفية الإسلامية اينما وجدت، مبنية على الالتزام بأخلاقيات واحكام الشريعة الإسلامية، وإعطائه أولوية استثنائية وسبل الدعم المادي للوصول إلى الأهداف المرجوة للارتقاء به إلى مستوى الطموح وبالتالي سوف نصل الى حسن إدارة العمليات الاستثمارية بالشكل الذي يقلل من إرتفاع درجة المخاطرة والسعي لكسب حصة أكبر من السوق المصرفي العالمي.