أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Sep-2018

اقتصاديون: ارتفاع العبء الضريبي يعكس خللا هيكليا ويضيق خيارات الحكومة

 ...الحكومة: نسبة العبء الضريبي الى الناتج المحلي الاجمالي 26.5 %

الغد-سماح بيبرس
 
اعتبر خبراء اقتصاديون أن ارتفاع نسبة العبء الضريبي تعكس خللا  هيكليا في منظومة الضريبة، الأمر الذي يجب أن يكبح أي زيادة محتملة في ذلك العب سواء من خلال ضريبة الدخل أو المبيعات اوغيرها لتفادي ترسيخ حالة الاجهاد الضريبي، الأمر الذي ينعكس سلبا على الاقتصاد.
وقال الخبراء إنّ نسبة العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي المعلنة بالأمس من قبل الحكومة بـ26.5 % "مرتفعة" وضمن المستويات العليا للنسب الشبيهة من دول العالم المتقدم.
وقال هؤلاء إنّ هذه النسبة تعتبر مرتفعة إذا ما قورنت بمستوى الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة، وأنّ مكونات هذا العبء تدلل على وجود خلل في الهيكل الضريبي لا بدّ من إصلاحه، وهو ما اعترفت به الحكومة في إعلانها أمس؛ حيث أشارت إلى "وجود آثار سلبيّة للخلل الهيكلي للعبء الضريبي على العدالة الضريبية".
ورأى هؤلاء أنّ حكومة الرزاز اليوم أمام موقف محرج في ظل هذه النسبة المرتفعة، وضغوط صندوق النقد الدولي عليها لتعديل قانون ضريبة الدخل الذي يتضمن زيادة في النسب وتغيير في الشرائح التي تخضع للضريبة.
ووفقا لآخرين فإن "أي زيادة على ضريبتي الدخل أو المبيعات والتي تشكل 16 % من الناتج المحلي الاجمالي ستشكل ما يسمى بالـ "الاجهاد الضريبي" والتي تنعكس سلبا على الاقتصاد.
وأعلنت الحكومة بالأمس نسبة العبء الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة بأنها تقدر بحوالي 26.5 % خلال 2017، وفقا لدراسة أعدتها.
وكشفت الدراسة أن نسبة الـ 26.5 % تتوزع على: ضرائب غير مباشرة تقدّر بـ 17.3 %، وضرائب مباشرة بلغت زهاء 3.7 %، إلى جانب ما نسبته 5.5 % من اقتطاعات الضمان الاجتماعي للعام ذاته.
وبيّنت الدراسة وجود خلل هيكلي في مكونات النّظام الضريبي؛ اذ تنخفض الضرائب المباشرة كضريبة الدخل إلى نسبة 24 % من إجمالي الإيرادات الضريبية، فيما ترتفع الضرائب غير المباشرة كضريبة المبيعات والرسوم الى نسبة 76 % من إجمالي الإيرادات الضريبيّة.
وأكّدت الدراسة وجود آثار سلبيّة للخلل الهيكلي للعبء الضريبي على العدالة الضريبية، مشدّدة على ضرورة إجراء إصلاحات في الضريبة المباشرة (ضريبة الدخل) لمعالجة الخلل الهيكلي، وتحسين العدالة الضريبيّة، وتكريس تصاعديّة الضريبة.
وعرّفت الدراسة العبء الضريبي على أنه اجمالي الضرائب التي يدفعها المجتمع منسوبة لأحد المؤشرات التي تدل على دخل المجتمع، مثل الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث تمّ قياس العبء الضريبي في الدراسة من خلال نسبة الضرائب المحصّلة من الدخل وعلى الاستهلاك إلى الناتج المحلي الإجمالي وبمفاهيم مختلفة حيث اعتمدت الدراسة معايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD.
ومن المؤمّل أن تسهم الدراسة في بلورة سياسة ضريبية مبنية على المعلومة، تؤسس لمنظومة ضريبية تسعى إلى تحفيز النمو، وضبط التهرب الضريبي، وتحقيق المزيد من العدالة بين فئات الدخل المختلفة في تحمّل العبء الضريبي.
الاقتصادي ووزير تطوير القطاع العام الأسبق، الدكتور ماهر المدادحة، اعتبر هذه النسبة "مرتفعة" ولا تتناسب مع متوسط دخل الفرد في المملكة.
واتفق المدادحة مع ما جاء في الدراسة حول وجود خلل في هيكلية الضريبة، وقال إنّ "هذا العبء غير موزع بشكل صحيح بين الضرائب المختلفة فضريبة المبيعات مرتفعة جدا، وهي ضريبة يدفعها الغني والفقير، فيما ضريبة الدخل تعاني من خلل واضح، ناهيك عن وجود الرسوم والضرائب غير المباشرة الأخرى والتي يعتبرها المدادحة كثيرة ومرتفعة".
وقال المداحة إنّه لا بدّ من معرفة أنّ ما يزيد على الـ8 مليارات من الناتج المحلي الاجمالي (حجم العبء الضريبي من الاقتصاد) من يدفعها الأغنياء أم الفقراء؟. 
ويقترح المدادحة حلا من خلال تخفيض ضريبة المبيعات وزيادة ضريبة الدخل، خصوصا أنّ "الدخل" هي مطلب إصلاحي من صندوق النقد الدولي لا بدّ من تحقيقه لتأهيل الأردن للحصول على القروض اللازمة لسد عجز موازنته.
وأشار إلى أنّ حكومة الرزاز اليوم أمام مشكلة لأنها مضطرة لحل مشكلة اقتصادية ناجمة بالأصل عن "تأخير في الإصلاح الاقتصادي والهيكل الاقتصادي منذ 2004".
الخبير الاقتصادي، الدكتور مفلح عقل، أشار إلى أنّ هذه النسبة تعد ضمن "المعدلات القصوى من النسب المثلى للأعباء الضريبية في الاقتصادات المتطورة الغنية"، ويعتبرها مرتفعة إذا ما قورنت بمستوى الخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة (تعليم، صحة، نقل) للمواطن.
وأكد عقل أنّ أي زيادة في هذه النسبة يعني "أنّ الاقتصاد سيتراجع ولن ينمو"، مفسرا ذلك بأنّ "أي زيادة في الضرائب ستشكل عبئا على المواطن وستنعكس على القدرة الشرائية، وبالتالي الطلب الكلي الذي ينعكس على الانتاج، وبالتالي تراجع النمو الاقتصادي".
وأشار أنّ هذه الزيادات لم تترافق مع تدني الرواتب وزيادتها أحيانا بنسب أقل من نسب التضخم".
ويرى عقل بأنّ "حكومة الرزاز اليوم بوضع محرج، خصوصا أنّها لا بدّ أن تقدم مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد والذي من شأنه أن يزيد الضريبة، وليس أمامها بدائل وحلول للخروج من هذه الازمة"، مؤكدا أنّ "حل هذه المشكلة سيكون حلا جراحيا من خلال تخفيض الانفاق الحكومي". 
أستاذ الاقتصاد في جامعة مؤتة، أحمد المجالي، أحد أعضاء الفريق المعد لدراسة "قانون ضريبة الدخل تقييم للواقع والبدائل" الصادرة عن مركز الدراسات الاستراتجية وغرفة تجارة عمان أخيرا، قال إنّه لا يمكن معرفة ما اذا كانت هذه النسبة مرتفعة أم لا إلا أنّه اشار الى أنّ ضريبة المبيعات والدخل لوحدهما تشكلان 16 % من الناتج المحلي الاجمالي "بحسب الدراسة المعدة من مركز الدراسات وغرفة التجارة ".
وقال إنّ أي زيادة على ضريبتي الدخل أو المبيعات والتي تشكل 16 % من الناتج المحلي الاجمالي ستشكل ما يسمى بالـ "الإجهاد الضريبي"، وهذا ينعكس سلبا على الاقتصاد لا بل تراجعا في الإيرادات الضريبية؛ حيث إن زيادة الضرائب ستؤدي الى انخفاض الاستهلاك، وبالتالي ايرادات الضريبة تنخفض.
ويشار هنا الى أن اجمالي الإيرادات من ضريبة الدخل والارباح بلغت العام الماضي حوالي 938 مليون دينار، منخفضة عن العام الذي سبقه بنسبة 0.07 % حيث بلغت945 مليون دينار ، فيما بلغت اجمالي الإيرادات من ضريبة المبيعات 2.993 مليار دينار بزيادة عن العام الذي سبقه 2016 بنسبة 3.7 % حيث بلغ 2.884 مليار ويشمل العبء الضريبي، بحسب دراسة الحكومة، مجموع الإيرادات الضريبيّة المباشرة المتمثلة بالضرائب على الدخل وضريبة بيع العقار، إضافة إلى الإيرادات الضريبية غير المباشرة المتمثلة بضريبة المبيعات والرسوم الجمركية وعوائد الاتصالات، وعوائد بيع المحروقات، إلى جانب الإيرادات التأمينيّة للضمان الاجتماعي من الناتج المحلي الاجمالي.
يشار الى أنّ الحكومة كانت أعدت مشروع قانون ضريبة دخل جديد وذلك ضمن الشروط الاصلاحية التي طلبها صندوق النقد الدولي مقابل حصول الأردن على شهادة تؤهله للحصول على القروض ومن ضمنها قرض الصندوق البالغ 723 مليون دولار للسنوات الثلاث المقبلة، إلا أنّ مصادر أكدت على أنّ الصندوق رفض مشروع القانون الجديد ما يعني أنّ الحكومة اليوم مضطرة لاعادة صياغة القانون الذي سيحتم أعباء ضريبية اضافية على المواطن.