أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-May-2020

لبنان : عاملات أجنبيات في الخدمة المنزلية يرغبن بالعودة إلى بلادهن بعد تقطّع السبل بهُنّ جراء الأزمة الاقتصادية

 أ ف ب: بعد أسبوع على طردها من منزل مشغليها، بلا جواز سفر أو راتب، لا ترغب العاملة الإثيوبية صوفيا اليوم بأكثر من العودة إلى بلادها، مع بدء لبنان تسيير رحلات لإعادة العمال المتضررين من الأزمة الاقتصادية.

وتروي صوفيا، بينما كانت تنتظر أمام قنصلية بلادها قرب بيروت بحزن شديد، أن مخدومتها «فتحت باب المنزل ورمتني خارجاً» من دون أن تمنحها راتبها المستحق لها «منذ ستة أشهر ونصف».
وتضيف السيدة هزيلة البنية، وهي أم لطفلتين لم تلتق بهما منذ نحو ثلاث سنوات «أريد فقط الآن أن أسافر إلى إثيوبيا».
ويشهد لبنان منذ نهاية الصيف انهياراً اقتصادياً متسارعاً، هو الأسوأ منذ عقود. ويتزامن مع شُحٍّ في الدولار وقيود مصرفية مشددة على سحبه، ما جعل شريحة واسعة من اللبنانيين، الذين يستقدمون عمالاً أجانب للخدمة المنزلية أو لمؤسساتهم، عاجزين عن دفع الرواتب بالدولار. وبات بعضهم يدفع بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها وبات تحويلها إلى الدولار عملية خاسرة للعمال الذين يرسلون الأموال إلى عائلاتهم.
وحسب ناشطين ومجموعات مدافعة عن حقوق العمال الأجانب، تكررت مؤخراً ظاهرة تسريح العاملات أو إعادتهن إلى المكاتب التي استقدموهم عبرها، مع العجز عن دفع رواتبهم حتى بالعملة المحلية، وبعد فقدان عشرات الآلاف من اللبنانيين عملهم أو جزءاً من رواتبهم.
وبدأ لبنان امس الأربعاء تسيير رحلات «عودة طوعية» للعمال الأجانب المتضررين جراء الأزمة إلى بلدانهم بالتنسيق مع سفارات بلادهم. وتنقل أولى الرحلات رعايا إثيوبيين ومصريين.
وأمام القنصلية الإثيوبية، تجمّعت عشرات العاملات، بعضهن مع أرباب عملهن، في محاولة لحجز مقعد في طائرة أمس الأربعاء. إلا أن قوات الأمن أبعدت الجميع عن الباب وطلبت منهم العودة بعد تسعة أيام، وأعلنت أن على أرباب العمل دفع تذاكر سفر العاملات.
وتقول إيفا عوض، التي رافقت عاملتها الإثيوبية إلى باب السفارة «لم يعد بإمكاننا تأمين الدولار وعليها أن تسافر إلى بلدها».
على بعد أمتار، كانت عاملة إثيوبية تبكي قرب حقيبتها. وتقول أنها لم تقبض راتبها منذ نصف عام، ولا تملك جواز سفرها بعدما طردها مخدوموها وليس لديها أي مكان تلجأ إليه. وكانت تأمل البقاء في قنصلية بلادها، إلا أنّ المركز المخصص لاستضافة الرعايا الإثيوبيين بات مكتظاً، وفق عنصر أمن، ولن يتوفر فيه أي مكان حتى مغادرة أولى الطائرات أمس.
ولم يتسنّ الحصول على تعليق من القنصلية الإثيوبية، رغم توجيه رسائل عدّة.
ويعيش في لبنان أكثر من 250 ألفاً من عمال الخدمة المنزلية، بينهم أكثر من 186 ألف امرأة يحملن تصاريح عمل تتحدر غالبيتهن العظمى من إثيوبيا، بالإضافة إلى الفيليبين وبنغلادش وسريلانكا وسواها.
وغالباً ما تندّد منظمات حقوقية بنظام الكفالة المُتَّبع في لبنان، والذي يمنح أصحاب العمل «سيطرة شبه كاملة» على حياة عاملات المنازل المهاجرات، ويجعلهن عرضة لكل أشكال الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي، وسوء المعاملة مقابل رواتب ضئيلة تتراوح بين 150 دولاراً و400 دولار. ويعادل المبلغ الأخير حالياً وفق سعر صرف السوق السوداء، راتب موظف في القطاع العام تقريباً.
وفاقمت الأزمة الاقتصاديّة ثم إجراءات الإغلاق التي اتُخذت لمنع انتشار فيروس كورونا من معاناة اللبنانيين والعمال الأجانب على حد سواء.
وازدادت مؤخراً الشكاوى المقدمة من عاملات وجدن أنفسهن محجورات مع العائلات المُشغِّلة لهن. وانتشر قبل نحو أسبوعين شريط مصوّر يظهر اعتصام عمال جمع القمامة داخل باحة شركتهم للمطالبة بالحصول على رواتبهم بالدولار.
وتقول إحدى الناشطات في حملة «هذا هو لبنان» المدافعة عن حقوق العاملات «بلغ مستوى اليأس حدّه الأقصى. نلاحظ ارتفاعاً كبيراً في عدد الاتصالات التي نتلقاها بشأن عدم الحصول على الرواتب».
وأثار نشر شخصين، أوقف أحدهما في وقت لاحق، في الأسابيع الأخيرة إعلاناً عن «بيع» عاملة في الخدمة المنزلية امتعاض ناشطين وحقوقيين. وحذّرت وزارة العمل من نشر إعلانات مماثلة تحت طائلة الملاحقة «بجرم الاتجار بالبشر».
ويوضح علي الأمين، رئيس نقابة أصحاب مكاتب استقدام العاملات في الخدمة المنزلية، أن النقابة تتلقى اتصالات متزايدة من مُشغِّلين غير قادرين على الدفع بالدولار.
ويقول «دخل الموظفين لدى الدولة اللبنانية بالليرة اللبنانية، ووضعهم لم يعد يحتمل»، لكنه يؤكد في الوقت ذاته «إذا كان الاتفاق بالدولار، فعلى الناس أن يدفعوا للعاملة حقها».
ويعفي الأمن العام من انتهت إقاماتهم منذ نوفمبر/تشرين الثاني من تسديد الغرامات، وفق مصدر أمني.
وتروي صوفيا أنها التقت في الشارع بعد أن طردها مُشغِّلوها ولم تأخذ معها شيئا من أغراضها أو ملابسها، العاملة الإثيوبية آلا (29 عاماً) التي أقنعت ربّ عملها اللبناني بإيوائها.
وتقول، نقلاً عن آلا «هناك ناس جيدون جداً، يدفعون كلفة سفرك ويعاملونك على أنك فرد من العائلة».
وتؤوي مؤسسة «إنيا لينيا» غير الحكومية التي أسّستها عاملات مهاجرات بينهن بانشي يمير، العديد من العاملات اللواتي تقطعت بهن السبل، وانضممن إلى أخريات يعملن على حسابهن وتراجع مدخولهن منذ إعلان حالة الإغلاق العام.
وتقول الإثيوبية يمير، التي عملت لسنوات في الخدمة المنزلية في لبنان وهي موجودة حالياً في كندا، أنه مع بدء الإغلاق «كان الآلاف من عاملات المنازل وأطفالهن في حاجة إلى مساعدة طبية وغذائية».
وخلال الأسابيع الأخيرة، جمعت مع أصدقائها عبر حملة على الانترنت أكثر من 12 ألف دولار كتبرعات لتوفير الطعام والإيجار للمئات من هؤلاء.
إلا أن ذلك لا يبدّد قلقها إزاء مصير الآلاف اللواتي لا يمكن الوصول إليهن، عدا عن نفاد المساعدات وازدياد أعداد المنتظرات أمام قنصلية بلادها. وتقول «انا خائفة جداً ولا أقوى حتّى على النوم».