أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2019

رفض مع سبق الإصرار*د.باسم الطويسي

 الغد-كم مواطن أردني حاول الاطلاع على الموازنة العامة للدولة، وكم عدد المعلقين من ناشطين ومؤثرين وإعلاميين قال أو كتب رأيه بعد أن اطلع بالفعل على قانون الموازنة، وكم من النواب وأعضاء الطبقة السياسية دخل في تفاصيل الموازنة؛ فبعض من الخطابات البرلمانية لم تمت بصلة لقانون الموازنة؛ ثمة أوصاف جاهزة وقوالب معدة مسبقا للرفض أو القبول ونشر السلبية دون أساس متين من المعرفة والبرهان، ينسحب ذلك في المقابل على تقرير “حالة البلاد” الذي أصدره قبل أيام المجلس الاقتصادي الاجتماعي وواجهه البعض بنقد عدمي، كما ينسحب على وثيقة الأولويات الحكومية لعامي 2019 – 2020 التي أصدرتها الحكومة قبل أسابيع، صحيح ان وثيقة الموازنة جاءت بآلاف الصفحات وتقرير حالة البلاد أيضا ما يتطلب تبسيط هذه الوثائق للناس.

النخب تقود الناس أحيانا إلى العدمية؛ والكثيرون يرددون ما يقال بدون أدنى رغبة بالدخول بالتفاصيل ولا حتى بالعناوين وهذه هي طريقة عمل الخوارزميات التي تحكم مواقع التواصل الاجتماعي. حينما تحتدم الأزمات يبدو أن كل الناس معنيون بالتفاصيل وهذا أمر طبيعي، ولكن بدون تفاصيل في حقيقة الأمر، حيث تزدحم الآراء وتقل المعلومات، بينما نجد حالة انسحاب باهتة من الاهتمام بالشؤون العامة في أغلب الأوقات، وفي هذه المفارقة إجابة عن سؤالين أساسيين هما: لماذا تفشل أشكال المشاركة الشعبية وتبدو على هيئة أشكال رثة ولا قيمة لها في الحياة العامة؟ ولماذا كل هذه الفوضى والضجيج في ممارسة المساءلة الشعبية، ما يجعلها في كل مرة عاجزة أن تتحول إلى أداة حقيقية للضغط على السلطات وصناع القرار.
علينا الاعتراف بأنه رغم كل الضجيج وفوضى الآراء لا يوجد لدينا تقاليد الاهتمام بالشأن العام، وهذا ينعكس في أشكال المشاركة والمساءلة، وحتى نؤسس لمجال عام جديد علينا ان نفهم القوى الفاعلة الجديدة والقديمة وكيف يعمل كل منهما في هذه البيئة، وكيف يمكن ان يستثمر المجال العام الجديد بالنعمة المجتمعية المتمثلة بالشباب من خلال تمكينهم ان يفرضوا اشكالا جديدة من المشاركة. ثم، ما المطلوب حتى يغيروا القواعد التقليدية للمشاركة والمساءلة والتفاعلات ومعنى القوة السياسية والمجتمعية على مختلف المستويات.
في هذا المجال، لا بد من الانتباه أن ثمة قوى جديدة باتت قادرة على التأثير في النقاش العام وأحيانا اختطاف الرأي العام، هذه القوى لا يمكن تحديدها بشكل واضح نظرا لسهولة الوصول للمجال العام عبر أدوات التكنولوجيا المعاصرة، وهذا يحدث في كل العالم، لكن لماذا الأزمة لدينا لها تعبيرات مختلفة؛ ببساطة لأننا نملك إرثا ثقافيا راكدا من الرفض والشك والريبة غير المبرر وهذا الإرث يحتاج الى عمل مختلف لتغييره لأنه لا يربك المشهد وحسب بل يفوت حق المجتمع في مساءلة الحكومات بجدية.
في نظرية “دوامة الصمت” إحدى النظريات التي تفسر تصنيع الرأي العام، تلجأ الأقلية التي لا تتوافق مع الاتجاه العام السائد في وسائل الإعلام إلى الصمت، خوفا من اضطهاد الأغلبية، ولا تقوى على المغامرة في التعبير عن موقفها خوفا من العزلة والنبذ. أما في بيئة الإعلام الجديد الذي يفترض أن الناس والمجتمعات هي التي تديره، فإن المعادلة تختلف؛ حيث يعمل الناشطون والأفراد الأكثر تأثيرا على خلق اتجاهات عامة، تبدو وكأنها الاتجاه السائد أو الرأي العام، ما قد يدفع الأغلبية إلى الدخول في الصمت خوفا، أو الاندماج مرغمين في هذا الاتجاه؛ وبالتالي اختطاف الرأي العام.