أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    06-Jun-2022

هل واشنطن مستعدة لتصعيد المنافسة التكنولوجية مع بكين؟

 واشنطن – د ب أ: ما زالت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين تمضي بلا هوادة، بل وتتشعب مجالاتها ما بين السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، حيث تسعى واشنطن جاهدة إلى تحجيم التعملق الصيني الذي يمكن أن يضر بمصالحها.

وفي سياق تلك المنافسة تستهدف الولايات المتحدة شركات تكنولوجية صينية كبرى بعقوبات مشددة. لكن تلك الشركات لها مصالح تتجاوز مجرد المنافسة مع الولايات المتحدة حيث تتعلق بمصالح دول عدة.
ويقول جيك هارينغتون، المحلل الإستراتيجي في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتٍريست» أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن شرح في خطاب رئيسي الأسبوع الماضي بالتفصيل سياسة إدارة الرئيس جو بايدن الناشئة تجاه الصين.
وأوضح كيف ستركز السياسة الأمريكية على الجهود الرامية إلى «تشكيل البيئة الإستراتيجية المحيطة ببكين». وهذا يعني التنافس مع الصين بدلاً من مواجهتها مباشرة عبر المشهد الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري والتكنولوجي على مدى العقد المقبل.
ويضيف هارينغتون، وهو زميل متخصص في شؤون الاستخبارات في برنامج الأمن الدولي في «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» في واشنطن، والذي شغل مناصب في مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية وغيرهما، أنه من خلال الرؤية المحددة للمنافسة التكنولوجية أشار بلينكن إلى أن «بكين أتقنت المراقبة الجماعية داخل الصين وصدرت تلك التكنولوجيا إلى أكثر من ثمانين دولة».
وفي إشارة إلى الرفض الأمريكي للكيفية التي تعزز بها الصادرات التكنولوجية الصينية «جهود بكين للسيطرة على الأسواق وتطبيع استخدام المراقبة والبيانات الضخمة والتحليلات لتأجيج القمع وخنق المعارضة»، قال بلينكن أن الولايات المتحدة وشركاءها ذوي التفكير المماثل يتصورون مستقبلا «يتم فيه استخدام التكنولوجيا لرفع مستوى الأشخاص، وليس قمعهم».
ويتساءل هارينغتون «إلى أي مدى ترغب الولايات المتحدة في الذهاب لمواجهة شركات التكنولوجيا الصينية التي تتهمها بتمكين انتهاكات حقوق الإنسان داخل الصين وخارجها؟».
ويشير إلى أنه في أوائل أيار/مايو، ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن إدارة بايدن تدرس إضافة شركة «هيكفيجن»، أكبر منتج في العالم لمعدات وخدمات المراقبة بالفيديو، إلى نظام العقوبات الأكثر صرامة في الولايات المتحدة، وهي «قائمة المواطنين المصنفين بشكل خاص».
وقد تكون «هيكفيجن» غير معروفة بشكل كبير مقارنة بعمالقة التكنولوجيا العالمية الصينية الأخرى، مثل «هواوي» و»زد.تي.إي»، و»تيك توك» الخاضعة لتدقيق الحكومة الأمريكية وإجراءاتها في السنوات الأخيرة. لكنها تخضع بالفعل لمستويات متفاوتة من العقوبات المالية الأمريكية التي تستهدف سجل الشركة في مجال حقوق الإنسان والتهديدات للأمن القومي.
وعلى الرغم من القيود الكبيرة القائمة على قدرة «هيكفيجن» على إجراء الأعمال التجارية مع الشركات الأمريكية والحكومة الأمريكية، فإن إدراجها في قائمة العقوبات الخاصة من شأنه أن يمثل تصعيداً كبيراً. ولن يحمل هذا التصعيد تداعيات عالمية كبيرة على أكبر مورد لمنتجات المراقبة بالفيديو في العالم فحسب، بل سيزيد أيضاً من حدة المنافسة التكنولوجية الصينية الأمريكية.
يذكر أن التصنيف بموجب قائمة العقوبات الصارمة يجمد الأصول المستهدفة ويعرِّض أي شخص أو منظمة أمريكية تقوم بأعمال تجارية مع الكيان الخاضع للعقوبات لإجراءات عقابية محتملة.
وتقليدياً تستخدم هذه التصنيفات ضد الأفراد والمنظمات المستهدفة بموجب برامج مكافحة الإرهاب أو مكافحة المخدرات أو مكافحة الانتشار النووي الأمريكية. ومع ذلك، منح قانون «غلوبال ماجنيتسكي» العالمي لعام 2016 السلطة التنفيذية سلطة أوسع لتصنيف الأفراد والكيانات المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان والفساد في أي مكان في العالم.
واستخدمت إدارة بايدن على نطاق واسع هذا التصنيف بموجب «غلوبال ماجنيتسكي» خلال عامها الأول في الحكم، مستخدمة سلطة فرض عقوبات على الأفراد والمنظمات في جميع أنحاء الأمريكتين وأفريقيا وأوروبا وآسيا.
ويتسق هذا الاستخدام مع إستراتيجية الأمن القومي الناشئة لإدارة بايدن، وتحديدا التركيز الذي توليه لتعزيز الديمقراطية ومكافحة الفساد الدولي.
وبالتالي، فإن جزءا من القصة هو أن الولايات المتحدة ربما تسعى إلى ممارسة النطاق الكامل لسلطاتها بموجب قانون «غلوبال ماجنيتسكي» بممارسة أقصى قدر من الضغط على أي فرد أو منظمة مسؤولة عن بناء وبيع التكنولوجيات المستخدمة لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.
ومن هذا المنظور، تشكل العقوبات أداة لتعزيز جدول أعمال «الديمقراطية التكنولوجية» للولايات المتحدة. وفي الواقع، لن تكون «هيكفيجن» أول شركة تكنولوجيا صينية يتم استهدافها بالقائمة الخاصة للعقوبات، إذ أنها استهدفت أيضاًبشركة «سي إي.آي.إي.سي» الصينية، التي تم فرض عقوبات عليها في عام 2020 لأنها زودت حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بنسخة تجارية من برنامج «جدار الحماية العظيم» الصيني.
وخارج الولايات المتحدة، من شبه المؤكد أن هيمنة المؤسسات المالية الأمريكية والمعاملات المقومة بالدولار يمكن أن تضعف مبيعات «هيكفيجن» العالمية وقدرتها على تأمين الوصول إلى الموردين. ويأتي ما يقرب من 25% من مبيعات هذه الاشركة من الخارج.
يذكر أن «هيكفيجن» تتكبد خسائر اقتصادية كبيرة. وخسر سهمها أكثر من 20% من قيمته منذ نشر قصة صحيفة «فاينانشال تايمز»، مما أدى إلى محو 15 مليار دولار من قيمتها السوقية.
ومع ذلك لا ينبغي التقليل من أهمية «هيكفيجن» لطموحات الصين الأوسع لقيادة العالم في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. فهي أكبر شركة للذكاء الاصطناعي في الصين، وهي واحدة من «الأبطال الوطنيين» للذكاء الاصطناعي، وهو توصيف له مغزى كبير يعكس أهمية الشركة لطموحات الصين التكنولوجية العالمية.
وعلى الرغم من أن الصين والولايات المتحدة تشيران إلى وجهات نظرهما بوضوح تام، فإن التحدي الأكبر في الصراع العالمي حول دور التكنولوجيا في المجتمع هو أنه ليس ثنائياً. فهو ليس تعريفاً ً من قبل الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، أو من قبل القوى العظمى الفردية مثل الولايات المتحدة والصين. وستتأثر الساحة التي سيتم فيها تحديد القواعد والمعايير في نهاية المطاف بشدة.
إلا أن الحقيقة غير المريحة للولايات المتحدة هي أن الدول، حتى الديمقراطية منها، تريد تطويع فوائد التكنولوجيا الناشئة وتحليلات البيانات. وهذه القدرات، التي تعد المراقبة بالفيديو التي تدعم الذكاء الاصطناعي مجرد واحدة منها، تعد بالحفاظ على سلامة مدننا، وتحسين نتائج الصحة العامة، وتحسين الخدمات الحكومية، وتعزيز الدفاع الوطني.
لذلك، وفي حين أن الولايات المتحدة قد تنظر إلى العقوبات المفروضة على «هيكفيجن» على أنها إجراء ضروري لمحاسبة أولئك الذين يسمحون بانتهاكات حقوق الإنسان في شينجيانغ، فإنها لن تجيب على سؤال أكثر أهمية بالنسبة للدول الـ180 التي تستخدم فيها تكنولوجيا «هيكفيجن» ومفاده: ماذا بعد ذلك؟.
ويتساءل هارينغتون «ما الذي يميز منتجاً يؤكد الديمقراطية لتكنولوجيا المراقبة بالفيديو عن شركة مثل هيكفيجن؟ هل ستقوم الولايات المتحدة بهذا التمييز بناء على عملاء الشركة أو تقنياتها؟ وكيف ستؤثر هيكفيجن المشلولة ماليا على حساباتها؟ هل يعني ذلك أنها مجبرة على دفع أسعار أعلى أو إعادة بناء الأنظمة القائمة حاليا على معدات هيكفيجن بالكامل؟».
ويقول إذا كانت الإستراتيجية الأمريكية، كما أشار بلينكن، تركز على «تشكيل البيئة الإستراتيجية المحيطة ببكين»، فيجب على واشنطن أن تستعد ليس فقط لحرمان بكين من المساحة لتعزيز أجندتها الاستبدادية التقنية، لكن أيضاً للتنافس عندما تنشأ الفرص.
وتمتلك الولايات المتحدة الأدوات المالية اللازمة لإضعاف «هيكفيجن»، لكنها ستحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير ، بما في ذلك المال والتكنولوجيا و»قصة مقنعة يقبلها الجمهور» لملء الفراغ الذي خلفته وراءها.