أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Mar-2019

هل نُجدد مع صندوق النقد*سلامة الدرعاوي

 الدستور-في حزيران المُقبل يَنتهي العمل بالبرنامج الائتمانيّ مع صندوق النقد الدوليّ، ليُنهي بذلك ثلاث سنوات (2016-2019) من العمل به في ظل ظروف اقتصاديّة صَعبة للغاية، آثار تطبيقه جدلاً واسعا في المجتمع، وكاد أن يؤدي إلى أزمة بين الشارع والحكومة، تطورت إلى مسيرات واحتجاجات صاخبة على للسياسات الاقتصاديّة الرسميّة.

خيار الأردن باللجوء لِصندوق النقد قبل ست سنوات لمّ يكن ترفا، بل مُحيرا يعززان أدت مجموعة من العوامل إلى ترتيبات سلبيّة على المشهد الاقتصاديّ الوطنيّ أدى إلى تنامي العجز والمديونيّة بشكل مُلفت تجاوز مستوى الأمان الاقتصاديّ، مع ارتفاع درجة المخاطر للتصنيف الائتمانيّ الأردنيّ وإحجام الدول المانحة والمؤسسات للدوليّة عن تقديم المنح والقروض للأردن بشكل طبيعيّ، مما ضاعف التحدّيات على الاقتصاد، وهناك كان لا بد من اللجوء للصندوق لإعادة الثِقة الدوليّة بالمملكة ولكن تحت مظلة برنامج محدد النقاط، وتقريبا نفذ الأردن جميع متطلبات التصحيح التي وضعها الصندوق.
الآن يتساءل الكثير من المراقبين فيما إذ كان للاقتصاد الأردنيّ قادرا على السير منفردا بعيدا عن الصندوق بعد شهر حزيران عندما ينتهي العمل بالبرنامج المُتفق معه.
الخيارات أمام الحكومة بعد انتهاء اتفاق الصندوق محدودة للغاية، فالاقتصاد يُعاني من مشاكل مزمنة ويتطلب حلها مواصلة الحكومة لخطة إصلاحيّة ممتدة لسنوات طويلة على شكل برنامج واضح الأهداف ومحدد الأوقات ومُلزم التنفيذ.
في هذا الإطار، الحكومة مُلزمة أن يكون لديها برنامج تصحيحيّ وطنيّ يهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصاديّ والتصديّ لمشكلتي العجز والمديونيّة، مَصحوبا بإجراءات مؤسسيّة لِضبط الإنفاق وتحفيز القطاعات التنمويّة الإنتاجيّة المُختلفة.
لكن الممارسات التاريخيّة تُدلل بوضوح أن الحكومات والنوّاب على حد سواء لا يلتزمون بأيّة برامج اقتصاديّة ذاتية، وسرعان ما توضع تلك البرامج على الرف، كما هو الحال في رؤية 2025 وخطة التحفيز وغيرهما من البرامج التي أُشبعت الحكومات المواطنين بالحديث عنها على اعتبارها المُخلصة للاقتصاد من أزماته المزمنة التي لا تنتهي، لكن للأسف تبقى أقوالا دون أفعالا.
والكل يتذمر جيداً أن الأردن التزم ببرامج للتصحيح الاقتصاديّ مع صندوق النقد الدوليّ عقب انهيار الدينار سنة 1989 لمدة 14 عاما متتالية انتهي العمل بتلك البرامج في سنة 2003 والتي تخرج الأردن رسميّا منها وبعجز ماليّ تاريخيّ من حيث الانضباط حيث لم يتجاوز حينها 280 مليون دينار، لكن للأسف بدا بعد ذلك سلسلة الانهيار في الالتزام بِمواصلة الإصلاح الاقتصاديّ، وبدا الخلل تتزايد مشاهده لأسباب داخليّة وخارجيّة معاً أدت في النهاية بحلول عام 2012 إلى أن يلجأ الأردن من جديد للصندوق.
بمعنى أن الأردن ينجح دائما بتطبيق برامج التصحيح مع صندوق النقد الدوليّ التي تعرف الحكومات تبعات تجاوزها أو عدم الالتزام بها، فهي برامج عابرة للحكومات ومجالس النوّاب، في حين نجد الحكومات ومؤسسات الدولة المختلفة تتنقل من تنفيذ برامج وخطط الإصلاح الاقتصاديّ الوطنيّة، وسرعان ما تأتي كُلّ حكومة وتنسف ما عملتها سابقتها.
الآن يبقى خيار استمرار الحكومة بالتعاون مع صندوق النقد الدوليّ وهي في هذا الشأن أيضا أمام خيارين: اما تمديد البرنامج الحالي وهذا الأمر قد يكون  صعبا لإدراك الجميع سواءً الحكومة أو الصندوق أن البرنامج الحالي استنفد كافة وسائله للاستمرار بعد سلسلة الإجراءات الماليّة الصعبة التي نفذت في السنوات السابقة من جهة، والاعتراف من طرفي الاتفاق أن البرنامج المعمول به حاليا هو برنامجا تنمويّا بقدر ما هو برنامج ماليّ فقط لمّ يساهم أبداً برفع مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ الذي لم تتجاوز أفضل مُعدّلاته في سنوات الاتفاق ? بالمئة.
يبقى الخيار الأخير وهو الاتفاق مع صندوق النقد الدوليّ على برنامج جديد يهدف إلى تحفيز النُمُوّ الاقتصاديّ وإعادة روح الإنتاجيّة إلى القطاعات الاقتصاديّة المُختلفة التي عانت الأمرين في السنوات الماضيّة، ويعزز من تنافسيّة الاقتصاد الأردنيّ في جذب للاستثمارات الأجنبيّة لدعم قدرته على خلق وظائف جديدة تمكّنه من مواجهة مشكلة البطالة التي تسيطر مُعدّلاتها المُرتفعة الآن على المشهد الاقتصاديّ الداخليّ، فالحكومة على ضوء التحدّيات الخارجيّة خاصة فيما يتعلق بالتداعيات المستقبليّة للمديونيّة التي احتاج في النهاية إلى تفاهمات دوليّة ودعما من المؤسسات العالميّة وعلى رأسها صندوق النقد الدوليّ.