أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2015

التعاون الدولي يجب أن يحفز السيارات المستقلة
باستمرار تقوم فيه سيارتك بالتوقف في الموقف المخصّص للسيارات حينما تطلب منها ذلك. تخيل عالماً نكون قد خفضنا فيه عدد حوادث المرور تخفيضاً جذرياً.
وقد لا يكون هذا العالم بعيد المنال. وعلى الرغم من أنّ تاريخ صناعة السيارات الذي يعود إلى 120 عاماً يمثل تتابعاً مذهلاً من الابتكارات، فإننا نقف أمام ما يمكن اعتباره أكبر قفزة إلى الأمام في مجال تكنولوجيا السيارات في التاريخ.
كانت التطورات الأخيرة التي شهدتها القيادة الآلية و”أنظمة النقل الندوة بشأن سيارة المستقبل الموصولة شبكياً التي نُظمت في إطار معرض جنيف الدولي للسيارات، وهو حدث نظمته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا (UNECE) والذكية” عموماً محط تركيز في الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU). وأطلق الحدث في إطار احتفالات شهر مارس بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين بعد المائة لتأسيس الاتحاد مع التركيز على “الابتكار وأنظمة النقل الذكية”.
وعلى مدى الأشهر الماضية، لم يمر أسبوع تقريباً من دون أن تعلن شركات صناعة السيارات أو شركات التكنولوجيا عن خططها المتعلقة بتطوير القيادة الذاتية أو السيارات المستقلة. وتتطور التكنولوجيا بسرعة مع هذه السيارات الجديدة التي يجري تجريبها واختبارها من كاليفورنيا إلى سنغافورة. والآن، يتعين علينا أن نعمل معاً لإنشاء البنية التحتية القانونية والمادية اللازمة لتحقيق إمكانات هذه التكنولوجيا على نحو تام.
تتمتع السيارات المستقلة بالقدرة على تغيير حياة المليارات من الناس وتغيير كيفية عمل النقل البري تغييراً جذرياً. فبإمكانها استحداث تجربة تنقل أكثر أماناً وفعالية وحفاظاً على البيئة. وهذا الأمر سيحدث أيضاً تغييراً جذرياً في صناعة السيارات العالمية التي توظف حوالي 50 مليون شخص وتمثل حجم مبيعات يبلغ تريليوني دولار أمريكي تقريباً.
ومن الممكن أيضاً إنقاذ آلاف الأرواح، إذ إن حوادث المرور تتسبب في وفاة 1,24 مليون شخص سنوياً وتسبب إصابات لحوالي 50 مليون شخص وغالباً ما تكون هذه الإصابات خطيرة، وتعاني العديد من المدن في العالم من ازدحام مستمر في حركة المرور ومن التلوث. وتستطيع التكنولوجيات الجديدة معالجة الكثير من هذه القضايا.
سيكون للسيارة المستقلة مجال رؤية ثابت من حولها يبلغ 360 درجة. ويمكن أن يكون للسيارة معلومات أكثر وردود فعل أسرع مما يتمتّع به أي سائق بشري. وإضافةً إلى ذلك، إذا كانت السيارات قادرة على التواصل فيما بينها، فيمكنها أن تعمل بشكل تعاوني لتقليل الازدحام من خلال تنظيم الحركة وتحديد السرعة المثلى مما يسمح بتوفير مليارات الدولارات. وإضافةً إلى ذلك، نظراً إلى أنّ زيادة السرعة والضغط على الفرامل بصورة متكررة أثناء الازدحام يؤدي إلى زيادة استخدام الوقود وبالتالي زيادة تلوث الهواء، فإن تقليل الازدحام سيجلب مكاسب كبيرة للصحة البشرية والتصدي لتغير المناخ.
وعلاوةً على ذلك، يمكن للسيارات المستقلة أن تعزز الإدماج الاجتماعي إلى حد كبير من خلال تزويد الأشخاص ذوي الإعاقة بوسيلة جديدة للوصول إلى سوق العمل وإلى المجتمع ككل. ومن شأنها أيضاً أن تقلل من عزلة المسنين مما يسمح لهم بالتنقّل وبالبقاء على صلة بما يجري حولهم.
ومع ذلك، لن تأتي جميع هذه الفوائد فوراً ولن تأتي من تلقاء نفسها. فالسيارات المستقلة تُثير تساؤلات بقدر ما تقدّم من فوائد محتملة. ويشمل ذلك: المسؤولية وأنظمة التأمين ومعايير السلامة وموثوقية البرمجيات والأمن السيبراني على سبيل المثال لا الحصر. وتوفير إجابة مناسبة ومتوازنة لهذه الأسئلة سيكون شرطاً مسبقاً لإدخال هذه السيارات في السوق على نطاق واسع.
ويجري فعلاً إعداد بعض الأجوبة. ويقوم المنتدى العالمي لتنسيق اللوائح الخاصة بالمركبات الذي يعمل تحت رعاية لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا بتقييم المقترحات التي تشمل وظائف القيادة شبه الآلية مثل أنظمة المرشد الآلي لاستخدامها في حالات الازدحام ووظائف التوقف الذاتي والمرشد الآلي في الطريق السريع التي ستمهد الطريق في نهاية المطاف لسيارات عالية الأتمتة.
واتفاقية فيينا لعام 1968 التي تنص على أن يبقى السائق قادراً على السيطرة على السيارة في جميع الأوقات، عُدلت في 2014 لضمان ألا تعيق قواعد السلامة تطور التكنولوجيات الجديدة الرامية إلى تحسين السلامة على الطرق.
وهذه هي الخطوات الأولى الهامة. ولكن لا زال هناك الكثير الذي يتعين توضيحه والاتفاق بشأنه. وتقوم عدة بلدان بإطلاق مشاريع لاختبار هذه التكنولوجيات الناشئة إدراكاً منها أن هذا الأمر ضروري للحفاظ على القدرة التنافسية لصناعات السيارات الخاصة بها. وهي ترغب في المضي قدماً وهي محقة في ذلك، ولكن عليها أن تقاوم إغراء التنظيم على المستويات الوطنية. فالتشريعات الوطنية المتباينة لن تعرقل فحسب التجارة الدولية من خلال إدخال حواجز تقنية جديدة بل وستؤدي أيضاً إلى تعقيد الحركة الدولية بشكل كبير. وهذا هو السبب في حاجتنا إلى التعاون الدولي. ولن نتمكن من تبني جميع الوعود المتعلقة بالسيارات المستقلة والذكية إلا من خلال لوائح تكون قائمة على المعايير المقبولة بشكل واسع وعلى توافق الآراء بين الخبراء من جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، بُغية جني الفوائد من التوصيل (بما في ذلك الاتصال من سيارة إلى سيارة أو من سيارة إلى بنية تحتية)، يجب تطوير معايير منسقة للمعلومات والاتصالات لضمان قابلية التشغيل البيني ووفورات النطاق الكبير. وهذا لم يحدث بعد. ولحسن الحظ، فإن الوسائل اللازمة لدمج هذه المعايير المستقبلية في اللوائح الدولية موجودة بالفعل في إطار المنتدى العالمي. ويجتمع هذا الأسبوع ممثلو صناعة السيارات العالمية في معرض جنيف للسيارات لعرض أحدث التكنولوجيا مع شركات تعرض أرقى سياراتها ومركباتها.
وأدعو جميع الأطراف المعنية والبلدان وصناعة السيارات ودوائر صناعة الاتصالات والبرمجيات فضلاً عن المنظمات الأخرى المعنية بوضع المعايير إلى تكثيف مشاركتها في الأشهر والسنوات المقبلة لتعديل اتفاقيات النقل التي تستضيفها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا من أجل توفير الإطار القانوني واللوائح اللازمة لتمهيد الطريق للسيارات المستقلة.
والواقع أننا نملك الأدوات اللازمة. وهذه التكنولوجيات ستكون في المتناول قريباً. فلنعمل كلنا معاً في سبيل جلب فوائد سيارات المستقبل المستقلة للناس في جميع أنحاء العالم.
 
بقلم: كريستيان فريس باخ
المدير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا