أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Sep-2017

نتائج تعويم الجنيه المصري: السلبيات والإيجابيات*عدنان كريمة

 الحياة-في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، أطلقت مصر تعويم سعر صرف الجنيه بناء لنصحية صندوق النقد الدولي، وكشرط من شروطه لمنحها قرضاً بـ12 بليون دولار، في اطار سلسلة اصلاحات. فهل نجحت هذه الخطوة بعد 11 شهراً، في تحقيق اهدافها؟ وماهي نتائجها السلبية والإيجابية؟

لاشك في ان أهم السلبيات المباشرة يكمن في تفاقم التضخم وارتفاع كلفة المعيشة، إذ إن المصريين خسروا تقريباً نصف قوتهم الشرائية نتيجة تدهور سعر الجنيه بمعدل النصف تقريباً. اما التضخم فقد بلغ 35 في المئة، مقارنة بـ13 فقط قبل التعويم، ما أحدث قلقاً لدى خبراء الصندوق الذين وصفوه بأنه خطير جداً، مطالبين بضرورة خفضه الى اقل من 10 في المئة، الأمر الذي اعاد هيكلة الفئات الاجتماعية في دولة يزيد عدد سكانها على 92 مليوناً وتعاني من نسبة فقر مرتفعة تتجاوز الـ30 في المئة، مع العلم ان من يقل دخله اليومي عن 34 جنيهاً، يدخل تحت خط الفقر الذي حدده البنك الدولي عند 1.9 دولار لليوم الواحد. اما الحد الأدنى للأجور فقد حددته الحكومة بـ 1200 جنيه (ما يعادل 67 دولاراً ) شهرياً، لكنه غير مطبق في كل المؤسسات، سواء كانت حكومية او خاصة، فيما يصل بعض الرواتب الى 500 جنيه شهرياً، في قطاع كبير من سوق العمل المصرية.
في المقابل، تبرز ايجابيات التعويم، وأهم نتائجها يكمن في الثقة المحلية والإقليمية والدولية التي حصدتها مصر واستطاعت بفضلها جمع اكثر من 60 بليون دولار في فترة ثمانية أشهر. وحققت البنوك المصرية في تموز(يوليو) الماضي وحده، اعلى معدل تدفقات دولارية في تاريخها بلغت 7.8 بليون دولار، ما أكد قدرة القطاع المصرفي على تلبية طلبات الزبائن كافة، وتغطية حاجات الدولة من النقد الأجنبي، وسداد الالتزامات المتوجبة على بعض المديونيات، وكذلك تمويل التجارة الخارجية، فضلاً عن المساهمة برفع مستوى الاحتياط النقدي لدى البنك المركزي الذي سجل رقماً قياسياً بلغ 36 بليوناً و143 بليون دولار بنهاية آب (اغسطس) الماضي، متجاوزاً ماكان عليه عام 2011 (قبل الثورة) والبالغ 36 بليون دولار.
المسؤولون هللوا لهذه النتيجة، ووصفوها بأنها تعكس النجاح الكبير لخطة الحكومة في تعويم سعر صرف الجنيه، والقضاء على المضاربة في السوق السوداء. وبما ان قوة الاحتياط النقدي هي اهم ضمانة لمنع تدهور سعر الصرف، فإن ارتفاع أرقام هذا الاحتياط، تساهم في رفع قيمة العملة المصرية. ومن هنا يتوقع خبراء ان يصل الى 50 بليون دولار مطلع 2018، وأن يشهد النصف الثاني منه انخفاضاً ملحوظاً في سعر الدولار، ليصل الى 14 جنيهاً، مع تراجع كبير في معدلات التضخم الى النصف، اي الى نحو 17 في المئة.
ولافت في هذا المجال ان الرئيس عبدالفتاح السيسي كان الأكثر تفاؤلاً، عندما أعلن صراحة في مؤتمر الشباب الذي عقد أخيراً في الإسكندرية ، انه لن يرضى سوى بأن يقفز الاحتياط النقدي الى 350 بليون دولار.
لاشك في في ان المتفائلين يراهنون على استمرار تدفقات الدولار، عن طريق مزيد من القروض من مؤسسات التمويل الدولية، وجذب الاستثمارات الأجنبية في الديون المصرية، مستفيدين من الفارق الكبير في سعر صرف الجنيه «المنخفض»، وارتفاع سعر الفائدة الذى تجاوز 18 في المئة، حتى ان حائزي العملة الأميركية من المصريين او المقيمين في مصر، أقدموا في الأشهر الأخيرة على بيع بعض مدخراتهم التي اشتراها البنك المركزي وأضافها الى احتياطه النقدي.
صنـــدوق النقد الدولــــي الذي أشاد بالنتائـــج الإيجابية التــي حققها برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، يستعد لدفع الشريحة الثالثة من قرض الـ12 بليون دولار، تضاف الى قيمة الشريحتين الأولى والثانية والبالغة أربعة بلايين دولار، سبق ان تسلمتها مصر بين تشرين الثاني(نوفمبر) 2016، ونهاية حزيران (يونيو) الماضي، وكذلك يستعد البنك الدولي لدفع بليون دولار من أصل قرض التزم به للحكومة المصرية. وسيدفع «بنك التنمية الإفريقي» 500 مليون دولار من اصل قرض تعهد به.
اضافة الى ذلك، هناك ديون مترتبة على مصر عن طريق إصدار سندات دولية، وباعت في كانون الثاني (يناير) الماضي سندات دولية بأربعة بلايين دولار على ثلاث شرائح، وفي أيار (مايو) بثلاثة بلايين دولار، فيكون المجموع سبعة بلايين دولار خلال شهرين. وتستعد حالياً لبيع سندات باليورو بقيمة تراوح بين بليون وبليوني يورو قبل نهاية السنة، وتستهدف وزارة المال طرح سندات بين ثلاثة وأربعة بلايين دولار خلال الربع الأول 2018. وإذا كان الدَين الخارجي لمصر زاد من 53.4 بليون دولار في آذار(مارس) 2016، الى 73.9 بليون بعد سنة، فمن الطبيعي ان يتضاعف حجمه، مع استمرار مسيرة القروض وإصدار السندات الدولية.
وعلى رغم ان السيطرة على ارتفاع الدَين الحكومي هو من ضمن أبرز أهداف برنامج الإصلاح الذي اتفقت عليه مصر مع صنـــدوق النقـــد، فإن حكومة القاهرة تتوقع ارتفاعه الى أكثر مـــن 200 بليون دولار في السنة المالية 2017 - 2018. ولكن مــــع أخــــذ اهمية جذب الاستثمار في الديون المحلية في الاعتبار، فإن ذلك من شأنه ان يرتب أعباء اضافية على موازنة الدولة التي تستنزف الفوائد نحو 32 في المئة منها، في مقابل 28 في المئة لسياسة الدعم، و20 في المئة للأجور، و11 للاستثمارات، و4 لشراء السلع والخدمات، و5 في المئة لنفقات أخرى.
في ضـــوء كل هــــذه التطورات السلبية والإيجابية، جاء تقرير وكالة «موديز» مخيباً، اذ أبقت تصنيفها لمصر عند «3B» مع الإبقــــاء على نظرة مستقبلية «مستقرة»، مؤكدة ان هذا التصنيف نابع من رؤيتها بأنه يتلاءم مع وضع الأخطار الائتمانية لمصر، ومن أن الأخطار الصعودية والنزولية على التصنيف «متوازنة».