أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Jul-2018

نمو اقتصادي مُخيب *سلامة الدرعاوي

 الدستور-مؤشراتُ النمو الاقتصادي في الربعِ الأول من هذا العام مُخيبة للآمال، فهي لم تتجاوز الـ 1.9 بالمئة، وهي معدلاتٌ مُتدنية تُجيبُ مباشرةً عن اسباب زيادةِ معدلاتِ البطالةِ والتي تجاوزت الـ 18.5 بالمئة، وهي من أعلى النسب منذ 20 عاماً تقريباً.

النمو المُتَواضع بهذا الشكل في الربعِ الأول يعني اننا قد نواجهُ مشكلةٍ كبيرة في الوصولِ الى النسبِ المستهدفة في نهاية عام 2018 وهي 3 -3.5 بالمئة، مما يعني بقاءُ قدرةِ الاقتصاد الوطني في إيجاد وظائف ضعيفة جداً.
الأخطر من ذلك أن بقاءَ النمو في حالته الحالية وهو في تباطؤٍ حاد يعني عدم القدرةِ على مُعالجةِ وضع المديونيةِ مستقبلاً، لأن الدخل الوطني لا يزدادُ بالشكلِ الذي يكونُ فيه قادراً على الوفاءِ بأية التزامات طارئة في الدين، ناهيكَ من أن خدمة المديونية بحد ذاتها تتجاوز الـ 1.07 مليار دينار، وقد تكونُ المشكلةُ أكبرُ إذا ما اِستَحَقَّت سندات اليورو بود التي استطاعت الحكومات السابقة الحصول عليها في ظلِ بقاء النمو على حالته المتواضعة الراهنة.
استمرارُ النمو المُتباطئ يعني اننا بحاجةٌ إلى إعادةِ النظر سريعاً في خطة التحفيز الاقتصادي لمعرفةِ الخللِ قبل استكمال تنفيذها والتأكدُ من أن الأهداف التي وضعت من اجلها تسيرُ بالشكلِ الصحيح، لكن باتَ واضحا أن النمو لا يسيرُ بالشكلِ المُستهدف، لا بل لا يتناسبُ مع حجمِ الانفاقِ الموجود في الموازنة.
 في الحقيقة يقودنا الى أن مسألة النمو الاقتصادي التي تحققت في الفترة الماضية ابتعدت في ركائزها عن مفهوم التنمية الأكثر شمولية من استفادةِ قطاع ما بالنمو، بمعنى أن كل ما تحقق في السابق بالشأن الاقتصادي كان نمواً لا تنمية وهي التي يتطلع الى تحقيقها راسم السياسة العامة للدولة، لذلك فالنمو المُتحقق كان يفتقد للروح المؤسسية الجماعية، ومن هنا نجد ان لا فائدة تُرجى من ذلك النمو على معيشةِ المواطنين لدرجةِ أن بعض المسؤولين يتجنبون الحديث عن المنجزات الاقتصادية بسبب سَخَط الرأي العام من هذا الموضوع.
يعيب السياسات الاقتصادية التي نُفذت في السنوات القليلة الماضية افتقادها لبوصلة الطريق في تحقيقِ هدفٍ منشود بعينه، فاذا ما سألتَ عن ما تبتغيه السياسة الاقتصادية للدولة ستجدُ من يُجيبُكَ بأننا نتطلع لاستقطاب الاستثماراتِ الاجنبية، فهل هذا هدفٌ بعينه أم وسيلةٌ داعمةٌ للجهودِ الرسميةِ التي تُحاربُ مُشكلتي الفقر والبطالة؟، فاذا جاءت كلُ تلكَ الاستثمارات ولم نقم بالدورِ المنشود في تشغيل وتدريب الاردنيين وإيجاد فرص عمل جديدة لهم، آلا يستحق الموضوع من الجهات المعنية المزيدُ من الدراسةِ والتمحيص لِما نُريدُ حقا من تلك الاستثمارات، وربطِ جهود الترويج والجذب بالسياسات الاقتصادية التنفيذية للدولة، وهذا لن يتحقق من دونِ أن تكونَ هُناكَ استراتيجية عليا للاستثمار وتحديدِ احتياجات المملكة الاستثمارية قطاعياً.
لكن ما يُعيبُ السياساتِ الاقتصادية السابقة والحالية ان قراراتها كانت بمعزل عن دراسةِ واقعِ واحتياجات المجتمعات المحلية، فولَدت غريبة وماتت من دون أن يذكرها احدٌ بخير، ولهذا الأمر هُناكَ ارتباطٌ واضح وجلي في مسألة الإصلاح السياسي والتطور الديمُقراطي في المجتمع، لأنهما يلعبان دوراً مُهماً في تحقيقِ الإجماع الوطني ضمن إطارٍ مؤسسي ودستوري، فالحوارُ المُوسّع بين اطياف المجتمع يضمنُ في النهايةِ الخروجَ برؤيةٍ تنموية واضحةُ المعالم ومحددة الأهداف القابلة للتنفيذ والمساءلة إذا ما اخفقت، بدلا من تركِ تلك الخططِ بأيدي فئةٍ واحدةٍ تُهاجمها فئةٌ اخرى وتبقى المسألة بين الأخذ والرد بسبب شخصنة العمل الاقتصادي وافتقاده لروحِ التنميةِ المستدامة، فلا عجب من انتقاد الشارع العام من ان النمو المتحقق هو نخبوي وبحاجة لعلاجٍ طارئٍ وسريع.