أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-May-2019

بَعد المُراجعة الثانية*سلامة الدرعاوي

 الدستور-بعد إجراء المُراجعة الثانية لصندوق النقد الدوليّ لسير العمل بالاتفاق الموقع مع الأردن باتت الحُكومة في وضع مريح مع المانحين والمؤسسات الاقتصاديّة الدوليّة، وها هي المنح والمساعدات بدأت تتدفق تدريجيّاً ابتداءً من القرض اليابانيّ ودفعة من البنك الدوليّ.

أهمية هذه القروض أنها أولا: بفوائد ماليّة مُنخفضة تتراوح بين 1-3 بالمئة، وهي مُعدّلات مُنخفضة مُقارنة عما عليه الفوائد للقروض التجاريّة الأخرى التي قد تصل إلى 8-9 بالمئة على اقل تقدير، وهو ما يدعم خِطط وزارة الماليّة في إعادة هيكلة المديونيّة الخارجيّة التي باتت كابوسا على استقرار الاقتصاد الوطنيّ بعد أن وصلت مستوياتها إلى مستويات غير أمنة على الإطلاق وبلوغ الدين ما نسبته 94 بالمئة من الناتج المحليّ الإجماليّ.
مُراجعة الصندوق الثانية رسالة مهمة لمؤسسات التمويل الدوليّة بتحسين درجة المخاطر الائتمانيّة للاقتصاد الأردنيّ، وهذا بحدّ ذاته يدعم أيّة جهود رسميّة في تعزيز عمليات جذب الاستثمارات الخارجيّة من جهة، ويعزز من النظرة الإيجابيّة للمستثمرين العرب والأجانب والمؤسسات الدوليّة تجاه الاقتصاد الأردنيّ، لانهم سيحصلون على شهادة حسن سلوك من صندوق النقد الدوليّ بأن المهمة تسير باتجاه سليم ومدعوم دوليّا في النهوض الاقتصاديّ.
داخليّاً، تستكمل وزارة المالية إجراءاتها الاقتصاديّة المُختلفة وتنخرط أكثر في إدارة المشهد الاقتصاديّ من خلال حزمة مُتكاملة من الخطوات، أولها ضخ ما يقارب الـ420 مليون دينار في السوق المحليّة كمستحقات أوليّة لجهات مُختلفة في القطاع من مقاولين ورديات ضريبيّة وشركات أدوية وفواتير محروقات وغيرها من القطاعات التي سيساهم ضخ الأموال فيها إلى إعادة تنشيط الاقتصاد وتعزيز الثِقة بالسوق المحليّة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على إيرادات الخزينة نتيجة حركة الدورة الاقتصاديّة الطبيعيّة.
الإجراءات السابقة تأتي قبل الاستحقاق الأول لسندات اليوروبنود التي تنوي الحكومة سدادها في النصف الثاني لشهر حزيران المُقبل بقيمة مليار دولار، وهي ستكون محط أنظار المُراقبين الدوليين واختبار حقيقيّ لوعود الحكومة بالسداد حسب ما أعلنت عنه في إطار تخفيضها للدين العام خاصة فيما يتعلق بملف خدمته.
اقتصاد مثل الاقتصاد الأردنيّ بمكوناته الحالية والتحدّيات التي تُحيط به من كُلّ صوب وجانب، سيبقى يسير باتجاه المتغيرات الإقليميّة التي تعصف به من كُلّ حدب وصوب، ولا يمكن  له في ضوء المعطيات السياسيّة الراهنة أن يقوى لوحده على معالجة التحدّيات الاقتصاديّة والسياسيّة دون دعم مُباشر ودعم إيجابيّ من المجتمع الدوليّ خاصة من كبار المانحين وعلى رأسهم الولايات المُتحدة الأمريكيّة والاتحاد الأوروبيّ واليابان إضافة لصندوق النقد والبنك الدوليين، وغير ذلك لن يقوى الاقتصاد الوطنيّ على مُجابهة تحدّيات الإقليم.
طبعاً هناك الكثير من الأصوات التي تنادي باستقلالية القرار الاقتصاديّ والخروج من حالة التبعيّة لصندوق النقد الدوليّ والمانحين وتعزيز الاعتماد على الذات.
الكلام السابق كلام سليم لكنه بعيد عن الواقع في كُلّ تفاصيله، فالمساعدات والمنح الخارجيّة كانت على الدوام عاملا أساسيّا وحاسما في إنقاذ الاقتصاد الوطنيّ من أزمات حقيقيّة كبيرة كادت أن تهوي به في نفق مُظلم، مثلما هو الحال في أزمة الدينار سنة 1989 والنفط العراقيّ التفضيليّ وبعدها النفط الخليجيّ والمساعدات السعوديّة تحديداً إضافة لتدفق المُساعدات الأمريكيّة سواء العاديّة أو الاستثنائيّة كُلّها كان لها الفضل في المحافظة على الاستقرار الاقتصاديّ للمملكة.
نعم نحن بأمس الحاجة إلى علاقات فضلى واستراتيجيّة مع المجتمع الدوليّ خاصة مع الدول الصديقة والمانحة، وهذا هو الخط الذي انتهجه الأردن مُنذ عقود واستطاع أن يجعل له حضوراً في الإقليم والمجتمع الدوليّ وتحافظ على شبكة علاقات مُتوازنة مع الجميع وتحظى باحترام الكُلّ.
يبقى التحديّ الأكبر هو في إعداد فريق اقتصاديّ قادر على توظيف هذه المكانة الدوليّة المرموقة للأردن في كيفية الاستفادة من تلك الميزات والمكانة في تحقيق مكاسب اقتصاديّة وسياسيّة مع الدول الكبرى لتعزيز الحضور والاستفادة منها بشكل ينعكس إيجابا على الاقتصاد الأردني بِكُلّ قطاعاته التنمويّة المُختلفة.