أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Sep-2018

كيف تتفادى «جيه بي مورجان» مسار تهاوي «ليمان براذرز»؟

فايننشال تايمز - 

قبل عقد من الزمان، كان جيفري كيندلر رئيساً تنفيذياً لشركة الأدوية الأمريكية العملاقة فايزر. وفي ذلك الحين، كان يخطط لاستحواذ جريء بقيمة 68 مليار دولار يستهدف شركة وايث المنافسة.
عندما وقعت الأزمة المالية وانسحب مصرف كان يتعامل معه قبل فترة قصيرة من الموعد، قُذِف بالصفقة في دائرة الشك، مدفوعاً بمزيج من الجرأة والولاء للعملاء، تدخّل جيمي دايمون رئيس بنك جيه بي مورجان لسد هذه الفجوة، قائلاً لصديق الجامعة القديم: "سأدعمك على الرغم من الصعوبات"، بحسب مصرفي على صلة بالصفقة.
يصر دايمون، الذي يتولى إدارة بنك جيه بي مورجان منذ عام 2005، على أنه مجرد "نفر" في جيش يدعم المصرفيين الاستثماريين الذين يصفهم بأنهم "فرقة الصاعقة في سلاح البحرية" التابعة للمصرف.
كثير من العاملين في الصناعة -بمن في ذلك المنافسون– يقولون إن هذه المشاركة الشخصية في جميع جوانب العمل، من إعادة تمويل شركة فايزر في عام 2008 إلى المكالمات الجماعية في وقت متأخر من الليل، حيث يشعر العملاء بالرضا عن مدى التقدير لقيمة أعمالهم، عوامل تساعد على تفسير نجاة بنك جيه بي مورجان من الأزمة المالية، أفضل من أي بنك أمريكي آخر.
يقول رئيس أحد المصارف المنافسة: "أينما ذهبت في العالم، كان جيمي موجودًا هناك. إنه ذو قيمة كبيرة كرئيس تنفيذي".
ومن بين وجهاته الأخيرة كانت السعودية، للعمل مع شركة أرامكو السعودية، وإيطاليا، لتقديم المشورة للحكومة السابقة حول قطاعها المصرفي.
دايمون وهو نيويوركي لحوح سريع الحديث من أصل يوناني لا يروق للجميع، فقد انتقد البعض، بمن فيهم إليزابيث وارن، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، غطرسته، بينما انتقد آخرون فشله في التمسك بالخلفاء المحتملين، ورزمة الأجر الضخم الذي يتقاضاه، أي نحو 30 مليون دولار العام الماضي.
سواء أحببته أم كرهته، جعل دايمون بنك جيه بي مورجان ما هو عليه اليوم وهو واحد من أكبر المصارف في العالم، برسملة سوقية تبلغ 382 مليار دولار ونفوذ واسع يأتي من كونه أكبر مصرف في الولايات المتحدة، ضمن النشاط الرئيس، ويمارس الهيمنة على تصنيفات المصارف الاستثمارية العالمية.
قال الملياردير المستثمر وارن بافيت في مقابلة في آذار (مارس) الماضي: "كان يجب علي شراء بنك جيه بي مورجان. الأمر واضح جدا. أعني، إنه مصرف يدار بصورة رائعة."
يُنظَر إلى دايمون، الذي سيصبح آخر رئيس تنفيذي ناج من مرحلة ما قبل الأزمة في وول ستريت، عندما يتنحى لويد بلانكفاين عن رئاسة بنك جولدمان ساكس هذا الشهر، على أنه مهم للغاية لنجاح بنك جيه بي مورجان.
يقول رئيس مصرف استثماري منافس: "لو لم يكن دايمون الرئيس التنفيذي، لكان "جيه بي مورجان" جيدًا جدًا، ولكنه لن يكون بالحال الجيدة التي هو عليها هو اليوم لذا لا أريد أن أكون الشخص الذي يخلفه".
لم يكن دايمون مطلقاً قليل الإيمان بالذات. في الأسبوع الماضي، في الوقت الذي كان يتأمل فيه العقد الذي تلا الأزمة المالية، أظهر نغمة متواضعة بشكل غير معتاد.
قال لصحيفة فاينانشال تايمز: "لا أريد أن أقول إن أداءنا كان رائعا دون أخطاء. كان أداؤنا لا بأس به، لكننا ارتكبنا أخطاء أيضا. كان لدينا دائماً كثير من رأس المال والسيولة، وبالكاد أي تمويل قصير الأجل غير مضمون. كان هذا هو الأساس".
يُعزى صعود بنك جيه بي مورجان جزئياً إلى الانتعاش الواسع في وول ستريت. ازدهرت أيضا المصارف الأربعة الرئيسة المنافسة له – بنك أوف أميركا وسيتي جروب وجولدمان ساكس ومورجان ستانلي – أيضًا بفضل النمو في الاقتصاد المحلي، وفي الآونة الأخيرة بفضل تخفيضات الضرائب التي أقرها الرئيس دونالد ترمب ومزاج جديد من التحرير التنظيمي.
يقول بوب ستيل، أمين عام وزارة الخزانة الأمريكية للتمويل المحلي من تشرين أول (أكتوبر) 2006 حتى تموز (يوليو) 2008: "في وقت الأزمة، لم نكن نتخيل أنَّ تدخُّل السياسة العامة سيجعل المصارف حتى أقوى، بعد عشر سنوات، مما كانت عليه في الأزمة".
لربما تكون القوانين التنظيمية قد قلصت من قدرة المصارف الأمريكية على تحقيق نفس النوع من الأرباح التي كانت تحققها قبل عام 2008 – حتى أفضل عوائد وول ستريت على حقوق الملكية التي تبلغ نحو 14 في المائة، هي نصف المستوى الذي تحقق منذ عقد من الزمن – لكن أسعار أسهمها يكاد يصل إلى مستويات قياسية، مع كون "جيه بي مورجان" في القمة.
أداء المصارف الأمريكية يشكل تناقضا صارخا مع المصارف المنافسة الأوروبية، التي كانت أبطأ من حيث التكيف مع القوانين التنظيمية لما بعد الأزمة، وكانت تحرمها من مكانتها كمصارف منافسة دولية.
سهَّل الحظ، وكذلك القدرة على الحكم، هيمنة دايمون. عندما وصل إلى بنك جيه بي مورجان في عام 2004 – كرئيس تنفيذي منتظر بعد الاستحواذ على "بانك وان"، الذي كان رئيسه عملاقاً في وول ستريت، قد قام بتنظيف نفسه للتو بعد الكدمات التي تسبب بها انهيار فقاعة الدوت كوم.
كانت الأمور سيئة للغاية لدرجة أن أحد معاصري دايمون يصف عام 2002 بأنه "تجربة قريبة من الموت" لبنك جيه بي مورجان، بعد أن تكبد خسائر فادحة بسبب مجموعة إنرون المنهارة للطاقة، وغيرها من المقترضين من ذوي الرفع المالي العالي.
هذا يساعد على تفسير هذا الحذر. يقول آشلي بيكون، كبير إداريي المخاطر في بنك جيه بي مورجان: "كان لدينا دائماً نوع من الخوف المرَضي أكثر من الآخرين بشأن مخاطر الذيل. كنا من كبار المصارف التي تختبر الإجهاد".
يقول ستيف بلاك، الرئيس المشارك للمصرف الاستثماري في عام 2007، إن الأمر الأساسي هو ضآلة ما كان في محفظة بنك جيه بي مورجان الصغيرة من التزامات الدين المضمونة – سندات القروض العقارية التي عاثت فسادا في الاقتصاد العالمي في عام 2008: "كان هدفنا (بشكل عام) هو أن نكون ضمن المراتب الثلاث الأولى في كل شيء فعلناه. كنا في المرتبة الـ15 أو الـ16 في التزامات الدين المضمونة، وكنا سعداء جدًا بعدم الارتقاء في هذه المراتب. أفضل قرار اتخذناه هو عدم القيام بمجموعة من الأشياء الغبية التي كان يفعلها الآخرون".
دايمون بالتأكيد ارتكب أخطاء. وهو يعتبر أن عدم التخلص من الأعمال التي يولدها سماسرة القروض العقارية الذين كانوا يحددون شروط القروض العقارية ومن ثم يأتون إلى المصرف ليقوموا بضمانها هو "أسوأ شيء سكتنا عنه".
ويقول: "أردت الخروج من هذا، لكن تم إقناعي أخيراً بالبقاء. هذا القرار كلفنا نحو عشرة مليارات دولار".
وكان أسوأ أخطائه هو فضيحة "حوت لندن" بمبلغ 6.2 مليار دولار في وحدة بنك جيه بي مورجان في عام 2012. ما كان من المفترض أن يكون موطنا منخفض المخاطر للنقدية النقدي والاحتياطات الأخرى، التي كان "جيه بي مورجان" بحاجة إليها لتشغيل أعماله، قد تضخم إلى قيمة بنحو 350 مليار دولار، بفضل قرارات التداول التي استفادت من أزمة منطقة اليورو.
الفريق الذي كانت ترأسه تلميذة دايمون، إينا درو، تجاهل إرشاد المخاطر وأنشأ مراكز معقدة، تسببت في خسائر فادحة عندما اضطروا إلى تفكيكها.
يقول بيكون: "في (هذه الوحدة)، كانت إدارة المخاطر تدار في بعض الأحيان حول نموذج مركزي؛ لم يكن هناك مركز قوي لتحديد أفضل الممارسات لإدارة المخاطر، ولفرض نوع معين من النقاش. كان ينبغي أن يُفرَض نموذج مخاطر أكثر مركزية".
من الواضح أن دايمون ما زال يعاني لسعة الحادثة. ويقول: "لو أني سألت بعض الأسئلة الأساسية في وقت سابق، لكنت قد تداركتُ الأمر، لكني لم أفعل".
حكم الآخرين أكثر قسوة بكثير. قال أحد الزملاء السابقين له إن قضية الحوت "خطأ جيمي بنسبة 100 في المائة".
ويقول إن السيدة درو كانت "تدير أكبر صندوق تحوط في العالم" وتمتعت بدعم دايمون "لأنها فعلت ما أراد لها أن تفعله – تحقيق أرباح إضافية". ويصر التنفيذيون على أن الحوت لا يمكن أن يحدث مرة أخرى، إلى هذه الدرجة وصل تعزيز الضوابط والتوازنات.
على الرغم من الفضيحة، تطوّر دايمون إلى رجل دولة بارز في مجال الصناعة وكبير جماعات الضغط، بما في ذلك صخب عام 2011 ضد القواعد "المعادية لأمريكا" من لجنة بازل، التي فرضت متطلبات رأسمال أعلى على أكبر المصارف، معظمها أمريكية.
لا يعتقد دايمون أن جهوده الضاغطة الصاخبة أثرت في القوانين التنظيمية بعد الأزمة. في الواقع، يقول الرئيس التنفيذي لمصرف آخر إن جهوده هي ذات نتائج عكسية: "تدخلاته في النقاش التنظيمي كانت لها آثار سلبية. لقد جعل المنظمين يشعرون بتوتر كبير من المصارف المغترة بذاتها."
القواعد الجديدة التي أعقبت الأزمة ومبادرات إلغاء التحرير التي رافقت رئاسة ترمب، كانت تفضل بنك جيه بي مورجان وخصومه.
يقول دانيال بينتو، رئيس بنك الاستثمار في بنك جيه بي مورجان: "بعد الأزمة، في بيئة القانون التنظيمي الجديدة، كان النطاق هو اسم اللعبة"، معترفًا بمفارقة مفادها أن صناع السياسة الذين كانوا قلقين بشأن مخاطر أكبر من أن يفشل، قد ساعدوا في توسيعها. ويضيف: "عندما تفكر في حجم رأس المال، والسيولة، والزيادة في بيئة المراقبة، والامتثال، والمخاطر – كل الأشياء التي يتعين علينا القيام بها – (عندها) كلما وضعت مزيد من هذا الأمور في الأعمال، فإنها تصبح (أرخص)".
كان دايمون انتهازيا أكثر من أي من منافسيه، فقد زاد حجم المصرف خلال الأزمة من خلال السيطرة على مصرفي بير ستيرنز المنهار وواشنطن ميوتشوال.
يقول الرئيس التنفيذي إنه لن يقوم بعمل صفقة "بير ستيرنز" مرة أخرى، بسبب العقوبات التي فرضت فيما بعد على الجنح السابقة على عملية الاستحواذ. ولم يصدر المصرف قط بيانا بالغرامات، إلا أن تقديرات المحللين في "أوتومونوس" تشير إلى أن المبلغ هو 5.9 مليار دولار.
لقد دفع 1.5 مليار دولار مقابل الحصول على "بير ستيرنز"، وهو سعر يزيد ربع مليون دولار على قيمة مبنى المصرف في 383 شارع ماديسون، وفقا لـ"أوتومونوس".
يقول مايك مايو، المحلل المخضرم في وول ستريت، الذي يعمل الآن مع بنك ويلز فارجو: "بير ستيرنز" صفقة أكدت سمعة بنك جيه بي مورجان من حيث القوة، فقد منحته مزيد من الحجم، ومن أسواق رأس المال، وهي أحد الأسباب التي تجعل بنك جيه بي مورجان مصرف استثمار من الطبقة الأولى، وليس الثانية".
جلب بنك واشنطن ميوتشوال، وهو مصرف كبير لتجارة التجزئة، مبلغ 8.4 مليار دولار أخرى من الغرامات إلى منزل دايمون وفقا لـ"أوتومونوس"، مع ذلك يقول جوردون سميث، رئيس قسم البيع بالتجزئة في "جيه بي مورجان": "كانت شركة واشنطن ميوتشوال عملية استحواذ جيدة للغاية".
في العقد الذي تلا توقيع الاتفاق الذي حقق فيه بنك جيه بي مورجان أرباحا من بنك واشنطن ميوتشوال، ما منح المجموعة شبكة من الفروع في الولايات من فلوريدا إلى كاليفورنيا، وكانت الأرباح أكثر بعدة مرات من تكلفة الصفقة وغراماتها.
كما لعب النمو العضوي دورا في الموضوع. يقول سميث، الذي كان وافدا جديدا إلى المصرف في عام 2007 وكان يدير قسم البطاقات في المصرف، إن دايمون كان يساند خطة توسع بقيمة مليار دولار، حتى في الوقت الذي ضربت فيه الأزمة. منذ ذلك الحين اكتسب قسم البطاقات 7.5 نقطة مئوية من الحصة السوقية، ما يجعله يحتل المرتبة الأولى في الولايات المتحدة.
يقول أحد التنفيذيين من "سيتي جروب": "لقد انتقلوا من الدفاع إلى الهجوم قبل أي شخص آخر".
كانت النتيجة نشوء مصرف ضخم، بأصول تبلغ 2.6 تريليون دولار وأكثر من ربع مليون موظف يعمل لديه، ولم يكن هناك من مصرف أكبر حجما منه إلا مصارف الصين الأربعة الكبرى، وبنك إتش إس بي سي.
مع تصاعد المخاوف الجغرافية السياسية، واقتراب أسواق الأسهم من الوصول إلى مستويات قياسية، فإن انفجار الفقاعات في فئات الأصول بدءا من الأسهم ووصولا إلى العقارات، يشكل خطرا على أي مصرف – ربما بنك جيه بي مورجان أكثر من المصارف الأخرى. يقول أحد المنافسين: "هنالك كثير من المخاطر التي تهدد الميزانية العمومية"، مشيرا إلى رغبة المصرف في الإقراض لأمثال "إتش إن إيه"، التكتل الصيني الآخذ في التقلص بشكل محموم بعد أشهر من البدء بعمليات استحواذ قائمة على الرفع المالي، بلغت قيمتها 50 مليار دولار. "لقد ركبوا موجة تمويل الأسهم، وعمليات الوساطة الرئيسة، وإقراض الشركات". يضيف المصرفي بأنه من هنا، فإن هناك طريقة واحدة فقط للمضي قدما.
يعترف بينتو أن الطفرة طويلة الأمد ستنتهي في غضون سنتين أو ثلاثة. ويقول: "بعد فترة طويلة من النمو، سنواجه الركود، لكنني لا أرى أن هناك أي مجالات ذات رفع مالي خطير، أو للمعاناة من أوجه ضعف. سيتم تصحيح أسعار الأصول والأشخاص الذين يمتلكون تلك الأصول سيخسرون المال، لكن ذلك لن يكون أزمة، إنها مجرد عملية تصحيح".
يقول بيكون إن أكبر خطر يواجه بنك جيه بي مورجان والمصارف بشكل عام هو "شكل من أشكال الفشل التشغيلي غير المتوقع من الداخل أو الخارج"، مثل هجوم إلكتروني أو قضية سلوك.
يحاول المصرف إدارة مخاطر القرصنة الإلكترونية بمساعدة ميزانية سنوية خاصة بالتكنولوجيا بقيمة 11 مليار دولار. تقول ماريان ليك، كبيرة الإداريين الماليين في بنك جيه بي مورجان، ردا على مقترحات التبذير: "الأمر لا يتعلق بإنفاق أكبر المبالغ على التكنولوجيا في وول ستريت. بل يتعلق بتحديد ما هو مهم من الناحية الاستراتيجية بالنسبة لعملائنا".
ربما الخطر الأكبر هو دايمون نفسه. يقول مصرفي منافس: "بنك جيه بي مورجان يعتمد على دايمون بشكل هائل. لقد قضى على منافسيه ومجلس الإدارة لا يقوم بالمهام المنوطة إليه، على نحو يضمن أن هناك شخصا كبيرا وقويا في الاحتياط، ليتولى المنصب، لاحقاً."
دايمون، الذي يبلغ من العمر 62 عاما وأب لثلاثة أبناء وأحفاد، لم يقل شيئا يذكر حول خططه لما بعد التقاعد، باستثناء قوله إن تقاعده سيكون بعد خمس سنوات.
يقول المقربون منه إنه لا يشعر برغبة في الترشح للرئاسة الأمريكية، التي أشيع عنها، ولا الترشح لمنصب عمدة نيويورك.
الخلفاء المحتملون يشملون كلا من السيدة ليك وسميث، التي تدير أكبر قسم في المصرف، وبينتو، رئيس أكبر بنك استثماري في العالم في الأرجنتين.
يقول أحد كبار التنفيذيين في المصرف من غير المرتبطين بالعمل: "ليس هناك من يشبه جيمي، لكن هناك طرقا أخرى لفعل ذلك".