أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Sep-2018

الانتقال من الريع إلى الإنتاج*د. رحيل محمد غرايبة

 الدستور-ليس هناك أكثر أهمية وأشد الحاحاً على سلّم الأولويات لدينا في الأردن وفي هذه الأوقات والظروف الحرجة والاستثنائية من التوافق على ضرورة إحداث تغييرات جوهرية واصلاحات بنيوّية على منهجية إدارة الدولة على الصعيد السياسي والاقتصادي وفق معادلة سليمة معروفة لدى شعوب العالم المتقدم التي استطاعت تجاوز مرحلة الاقتصاديات الريعية.

الاستغناء عن المساعدات أصبح مساراً اجبارياً ولم يعد خياراً متاحا لدينا يفرضه الواقع المحلي والاقليمي بكل وضوح وصرامة، وهذا الأمر وأن جاء متأخراً لكنه ضرورة لامناص منها، ونحن جميعاً أمام لحظة الاعتراف بالحقيقة المرة التي تتمثل بعدم القدرة على صرف مزيد من الوقت في انتظار مائدة من السماء، وهذا يقتضي مواجهة الواقع وجهاً لوجه دون مواربة، وهذا يعني بكل وضوح الوقوف الفوري وعمل استدارة كاملة.
الاستدارة الكاملة تحتاج إلى نخبة سياسية جديدة مختلفة، ليست من سلالة بناء الاقتصاد الريعي والاعتماد على المساعدات بل نحن بحاجة إلى عقلية جديدة ومنهجية جديدة تقوم على استنهاض كل عوامل القوة والقدرة على بناء الانتاج الذاتي، والتنقيب في أوساط المنتمين لهذا التراب ولهذا الوطن وللمؤمنين بالدولة الاردنية وقدرتها على البقاء ؛ عن القدرات والكفاءات المستعدة لبناء هذا المسار الانتاجي الذاتي بكل عزيمة وإرادة صلبة لا تعرف الاستسلام.
هذه الاستدارة لها ضريبة إجبارية ينبغي أن تدفع من أجل حفظ الأردن دولة وشعباً، حاضراً ومستقبلاً، وتتمثل هذه الضريبة برفع منسوب المشاركة الشعبية في ادارة مؤسسات الدولة من خلال التمثيل الحقيقي الواسع والفاعل على امتداد الرقعة الاردنية، وضرورة الاستغناء عن أغلب الوسائل التقليدية السابقة المتبعة في انتاج الممثلين الحقيقيين وصناعة النخب، وبناء معادلة جديدة متوازنة، تجعل من الاقبال الطوعي على الالتزام بدفع الضرائب مرتبطا بالدور الفاعل والمؤثر في إدارة المقدرات وحفظها وتنميتها، بعيداً عن الاحتكار والاستئثار.
الانتقال نحو دولة الانتاج يقتضي وجود تمثيل شعبي قوي قادر على المحاسبة وقادر على فرض الرقابة الصارمة على النفقات والموارد بعيداً عن كل أساليب التحايل على القوانين والأنظمة التي تمت صياغتها وفق المصالح الشللية والفتوية التي مارست الاستغفال ردحاً من الزمن.
الانتقال نحو دولة الانتاج على أبواب الدولة الأردنية الخامسة مع بدء المئوية الثانية يعني إعادة النظر بكل المؤسسات السلطوية ومنهجية صناعة القرار وطريقة الفرز والاختيار، لتصبح أكثر امتثالاً للشفافية والنزاهة والعدالة، وأكثر بعداً عن سياسية توارث المناصب والاستئثار بالموارد.
 مشروع قانون ضريبة الدخل ينبغي أن يكون خطوة على طريق الاصلاح الضريبي العام المشتق من المبدأ الدستوري الحاكم القائم على المنهج التصاعدي في دفع الاستحقاق الضريبي بحسب الدخل المتأتي للأفراد والمؤسسات بطريقة عادلة يفقهها الأغنياء والفقراء على حد سواء.
نحن أمام لحظة مفصليّة تحتاج إلى انطلاقة جريئة وعزيمة صلبة في تدشين طريق الاصلاح الجديد الذي يصنع المشاركة الشعبية الحقيقية المفعمة بالحس الوطني والمنطلقة من الشرعية الوطنية قادرة على مواجهة الاخطار والتحديات والتغلب عليها بنجاح.