أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    04-Apr-2017

خبراء : إعادة إعمار سوريا يتطلب 200 مليار دولار

الرأي
 
ينعقد في العاصمة البلجيكية، بروكسل، يوم غد الأربعاء مؤتمر ‹دعم مستقبل سوريا والمنطقة› بهدف المساعد في دعم حل سياسي مستدام للأزمة السورية من أجل وضع حد للمأساة التي يعيشها الشعب السوري.
 
ومن المقرر أن تشارك لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) ممثّلةً بأمينتها التنفيذية بالوكالة، الدكتورة خولة مطر، بفعاليات الاجتماعات وورش العمل التقنية الخاصة والموازية للمؤتمر
 
وبحسب بيان صحفي صدر عن «الأسكوا» أن إعادة إعمار ما دمره النزاع حتى عام 2016 تتطلب ضعف قيمة حجم الدمار في رأس المال المادي، أي أكثر من 200 مليار دولار، وذلك نظراً لانخفاض كفاءة الاستثمار في سورية إلى النصف بسبب انعدام الأمن وتدمير البنية التحتية وتدهور رأس المال البشري نتيجة الحرب والنزوح وازدهار اقتصاد العنف وغير ذلك.
 
وأضاف البيان أن ستّ سنوات داميات مرت على الأزمة السورية والتي أضحت تشكل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية التي تواجه المجتمع الدولي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إن لم تكن أكبرها. وحتى اليوم، لا تزال المجموعة الدولية عاجزة عن إيجاد حل سياسي لوقف شلال الدم الذي تسببه هذه الأزمة والحد من تداعياتها على المنطقة والعالم.
 
لقد تجاوز عدد الضحايا الـ 470.000 قتيل، وهو يشكل أكثر من 3.5 في المائة من عدد السكان الباقين في سورية، بعدما اضطر أكثر من ربع السكان إلى النزوح إلى دول الجوار أو اللجوء إلى بلدان أخرى في العالم. كما تحول أكثر من 6.3 ملايين سوري إلى نازحين داخل بلدهم. فأصبحت هذه القضية تشكل التحدي الأقسى والأصعب في وجه السلم العالمي، بسبب التحولات والتدخلات العسكرية الإقليمية والدولية وظهور حركات الإرهاب في سورية وفي أنحاء أخرى من العالم.
 
وقد أظهرت الدراسات التي أجراها الخبراء السوريون العاملون ضمن برنامج «الأجندة الوطنية لمستقبل سورية» حجم الدمار الهائل الذي ضرب هذا البلد. فقد قُدر حجم الدمار في رأس المال المادي بنهاية عام 2016 بما يقارب 100 مليار دولار، يضاف إليها خسارة الفرصة البديلة للنمو في الناتج المحلي الإجمالي والتي قدرت بما يزيد عن 228 مليار دولار. كان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الست الماضية بمعدل يزيد عن 28 في المائة لو لم تحدث الأزمة؛ لكن الناتج المحلي الإجمالي فقد بسبب الأزمة ما يزيد عن 57 في المائة من القيمة التي كان عليها في عام 2010. كما تجاوز معدل البطالة 60 في المائة بعدما كان 8.6 في المائة فقط في عام 2010. ونتيجة لذلك ارتفعت نسبة المواطنين السوريين الذين يرزحون تحت خط الفقر إلى مستويات قياسية تراوحت بين 80 و85 في المائة مقارنة بأقل من 13 في المائة في عام 2007.
 
وبرز هول حجم هذا الدمار في قطاع السكن الذي تجاوز الـ 30 في المائة من الحجم الكامل لخريطة الدمار في سورية، أي أن ما يزيد عن نصف المساكن قد تعرض للدمار ولا تزال الحرب مستمرة. أما قطاع الصناعة، الذي كان يشكل أهم القطاعات الحيوية في سورية، فقد كان نصيبه 18 في المائة من حجم الدمار الكامل، وهو ما كان له أثر سلبي كبير على التشغيل والنمو وأدى إلى اختلال الميزان التجاري.
 
القطاع الزراعي بلغ نصيبه 9 في المائة من إجمالي الدمار في رأس المال المادي، ناهيك عن التحديات الكبيرة الأخرى التي تعرض لها هذا القطاع خلال الأزمة. فقد كانت سورية قبل عام 2011 من الدول التي تحافظ على مستوى جيد للأمن الغذائي، وقطاعها الزراعي ساعد في الحفاظ على فئات عريضة من العاملين فيه فوق الخط الأدنى للفقر. كما كانت سورية قبل عام 2011 تحتل المرتبة الرابعة في العالم في إنتاج الزيتون وتصدير زيت الزيتون. اليوم، وللأسف، تشير الأرقام إلى خسارة كبيرة في المساحات المشجرة لصالح الحرب أو التحطيب للاستخدام في التدفئة في ظل النقص في وقود التدفئة بسبب الدمار الذي أصاب قطاع النفط والغاز والبالغ 9 في المائة من إجمالي الدمار، أو بسبب فقدان إمكانية استيراد أو دعم المشتقات النفطية من جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة.
 
أما القطاع الأهم الذي يؤثر انعدامه تأثيراً شديداً على الحياة بشكل عام، فهو قطاع الكهرباء والماء، البالغة حصته 9 في المائة من حجم الدمار الشامل. فقد أصيب قطاع الكهرباء بأضرار جسيمة طالت بنيته التحتية إضافة على انعدام السبل والموارد للقيام بأعمال الصيانة واستيراد قطع الغيار اللازمة لضمان استمرار عمله. فسورية التي كانت تنتج أكثر من 8500 ميغاواط ساعي وتصدِّر منها إلى دول الجوار، أضحت اليوم عاجزة عن إنتاج 15 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء الضرورية لاستمرار الحياة.
 
ويقول خبراء برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سورية إن إعادة إعمار ما دمره النزاع حتى عام 2016 تتطلب ضعف قيمة حجم الدمار في رأس المال المادي، أي أكثر من 200 مليار دولار، وذلك نظراً لانخفاض كفاءة الاستثمار في سورية إلى النصف بسبب انعدام الأمن وتدمير البنية التحتية وتدهور رأس المال البشري نتيجة الحرب والنزوح وازدهار اقتصاد العنف وغير ذلك.
 
أما على المستوى الاجتماعي، فقد أدى استمرار الأزمة السورية إلى ظهور آثار اجتماعية مخيفة. في قطاع التعليم، على سبيل المثال، يوجد حالياً أكثر من ثلاثة ملايين طفل سوري منقطعين عن المنظومة التعليمية أو لم تؤمن لهم فرصة على مقاعد الدراسة، ويعزى هذا الانقطاع إما إلى الحاجة المادية لعمل هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا ضحايا لاستغلال أصحاب العمل أو إلى نقص إمكانيات توفير التعليم في سورية أو في بلدان اللجوء، على رغم الجهود الهائلة التي تقوم بها المؤسسات الدولية والإنسانية المختصة الفاعلة في هذا الشأن. وتشير الدراسات إلى أن النقص في التعليم وما يسببه من انتشار الأمية هو من أهم عوامل ازدياد الفقر والعوز وانعدام الفرص، مما يشكل بيئة حاضنة خصبة للتطرف والانحلال المجتمعي.
 
ويذكر أنه في الشهر الأول من عام 2017، أطلق برنامج «الأجندة الوطنية لمستقبل سورية» النسخة الأولى من وثيقة البرنامج تحت اسم «الإطار الاستراتيجي لخيارات السياسات، سورية ما بعد النزاع»، وهي ثمرة جهود تضافرت في البحث والتحليل والتدقيق بذلها أكثر من 1600 خبير وخبيرة في مختلف الاختصاصات من السوريين، الذين جمعتهم مبادرة من الإسكوا. فوضعوا خلافاتهم السياسية خلفهم ليجتمعوا تحت سقف واحد ويضعوا معاً رؤىً مستقبلية لبلدهم. وأعدت هذه الوثيقة نتيجة آلاف الساعات من العمل وعشرات الاجتماعات وورشات العمل شارك فيها نخبة من المفكرين والخبراء والتقنيين السوريين الذين قدموا المئات من الأوراق البحثية التي أغنت المادة العلمية بالأفكار والاقتراحات العملية والخيارات على مستوى السياسات.
 
ولضمان استدامة عملية إعادة إعمار لسورية، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار أولاً وحدة الأراضي السورية بكامل مقوماتها الإثنية والعرقية والقومية، ضمن نظام حوكمي يحدده ويختاره السوريون أنفسهم من خلال عملية سياسية تمثيلية تشمل جميع السوريين. هذه العملية تضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة المركزية وتمكينها والبناء عليها.
 
وإن أي عملية لإعادة الإعمار لا تراعي أسباب وجذور نشوء الأزمة في سورية، الاقتصادية والاجتماعية والحوكمية، فهي ستكون غير مستدامة وسوف تواجه مصاعب قد تؤدي إلى عودة النزاع في المستقبل.
 
وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 8 ملايين نازح سوري داخل بلدهم وأكثر من 6 ملايين لاجئ سوري إلى دول الجوار. فيجب على المجتمع الدولي، خلال مراحل التخطيط لإعادة الإعمار، مراعاة هذا الكم البشري الهائل وأثره على الداخل السوري ودول الجوار، والعمل من هذه اللحظة ودونما إبطاء، على إنشاء مشاريع وبرامج تمكين للسوريين في الداخل السوري تساعدهم على البقاء وتؤمن لهم فرصاً لضمان مقومات العيش الكريم، بالإضافة إلى إنشاء وتطبيق برامج أخرى تدعم اللاجئين السوريين في دول اللجوء والشتات من خلال تمكينهم وبناء قدراتهم وتحضيرهم لعودة آمنة وكريمة إلى منازلهم ومدنهم وقراهم.
 
وتشكل إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية فرصة لعملية تنمية وتكامل بين هذا البلد ودول الجوار والدول الإقليمية، لذلك يجب مراعاة وضع سياسات شاملة وخطط تنموية تحول إعادة البناء إلى مرحلة جديدة تساعد على خلق بيئة من الاستقرار والنماء المستدام للمنطقة كافة.