أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Feb-2020

تغير النظريات الاقتصادية*إسماعيل الشريف

 الدستور

(تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن طعام)، كارل ماركس.
صديقي ضد زيادة الحد الأدنى للأجور، ويبرر ذلك بأن اقتصادنا هو اقتصاد رأسمالي، لذلك فالمفروض أن يخضع كل شيء للعرض والطلب، بما في ذلك الإنسان، ناهيك عن أن لمثل هذه الزيادة انعكاسات سلبية على الاقتصاد، وتحظى وجهة النظر هذه بتأييد بين الاقتصاديين.
السؤال الأساسي: ما الذي نريده من اقتصادنا؟ لن تخرج الإجابة عن أننا نريد اقتصادًا غايته تحسين مستوى الحياة، ولا يعني ذلك فقط زيادة الاستهلاك، فأي مواطن يريد صحة وتعليما مجانيين بمستويات عالية، وأن يعيش في وطن يشجعه على تحقيق أحلامه، يوفر له نظام مواصلات متقدما، وتبنى له الحدائق والمكتبات العامة، ويكون صوته مسموعًا ويشعر بأهميته واحترامه.
يُجمع علماء الاقتصاد هذه الأيام على أمرين؛ الأول أن الناتج القومي للدخل هو أداة مضللة لقياس النمو الاقتصادي، وأن مقاييس العدالة الاجتماعية أهم كثيرًا منه في قياس المؤشرات الاقتصادية، والأمر الثاني أن الرأسمالية الليبرالية تترنح وفيها الكثير من العيوب والمطلوب تصحيح سيئاتها حتى تستمر، فقد أدت إلى غياب العدالة الاجتماعية، وتمركز الثروة بأيدي قلة قليلة، وفشلت بعد الانهيار الكبير عام 2007 في تحقيق نسب نمو معقولة، وفشلت في إصلاح أنظمة التعليم والصحة، وجعلت أصحاب المال يتحكمون في سياسات الدول تحقيقًا لمصالحهم.
ما أقوله ليس من بنات أفكاري؛ فصاحب نظرية نهاية التاريخ -التي كتبها عام 1989 فوكوياما وقال فيها: إن التطور النهائي للبشرية هي الرأسمالية الليبرالية- تراجع عن نظريته وكتب مقالة في مجلة أمريكان أنتيريست The American Interest في نهايات العام الماضي قال بأن نظريته كانت خاطئة، وأن علينا إصلاح النظام الرأسمالي الليبرالي.
ويُجمع ثلاثة من أهم علماء الاقتصاد هم: جوزيف ستيجلز، وتود تكر، وجابرييل زكمان، الحاصلون على جائزة نوبل للسلام على أن الرأسمالية تمر بأزمة، فهذا النظام يسيطر عليه نخبة من الأغنياء لحماية مصالحهم، وأن من أهم الحلول زيادة الضرائب على رأس المال والثروات.
في عام 2006 طلب البنك الدولي من الخبير الاقتصادي مايكل سبس رئاسة لجنة لدراسة أسباب النمو الاقتصادي، اللجنة كانت مكونة من واحد وعشرين خبيرًا اقتصاديًّا، وتفرع منها لجان أخرى ضمت ثلاثمئة خبير آخرين، وعقدت العشرات من ورش العمل، ووضعت تحت المجهر ثلاثة عشر اقتصادًا، وفاقت ميزانية المشروع أربعة ملايين دولار.
خلصت اللجنة في تقريرها النهائي إلى حقيقة وحيدة، أننا لا نعرف لماذا تنمو الاقتصاديات، فكل دولة لديها أسبابها، ولا نستطيع إعطاء وصفات سحرية لتحقيق النمو في اقتصاد ما، فالذي انطبق على اقتصادٍ ما، قد لا يكون مناسبًا لاقتصاد آخر.
فالخلاصة واضحة؛ أننا نريد وصفة اقتصادية أردنية بعيدًا عن نقل واستنساخ نظريات أخرى تحاكي خصوصياتنا، ولدينا من العقول والإرادة والأدوات ما يؤهلنا لذلك، وبرأيي أن دولتنا تعي هذه الحقيقة، فقد شاهدنا بداية إطلاق نهج اقتصادي جديد يقوم على تحقيق قدر من العدالة، وشاهدنا تحركًا مهمًّا في هذا الإطار من مؤسسة الشعب الأردني الضمان الاجتماعي.
وأختم بأن نظريات الاقتصاد الحديثة تقول بأن سياسات ربط الأحزمة وعدم الاهتمام بالفقراء هي أفشل الوصفات الاقتصادية وهي الأخطر بالنسبة للنمو والاستقرار.