أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jul-2017

طموح الشباب والتسهيلات المصرفية*د. مأمون نورالدين

الراي-تغلب على فئة الشباب خاصية الحماس والإندفاع خصوصاً فيما يتعلّق بتحسين أحوالهم المعيشية، وفي الحقيقة أن لا ضرر بذلك طالما أن يبقى هذا الحماس بحدوده ولا يتحوّل إلى مجازفات غير مدروسة سيئة العواقب.
 
إزداد الوارد إلى مسامعنا فيما يخص قصصا ضحاياها هم أنفسهم من جنوا على أنفسهم عندما استسهلوا درب التسهيلات المصرفية وهم غافلون عن وعورته والوادي السحيق الذي ينتظرهم في نهايته إن لم يكونوا على قدر عال من الوعي الإقتصادي والقانوني. التسهيلات الشخصية وجدت لهدف إيجابي ألا وهو تسهيل مهمة فرد في عصر تضخّمت فيه متطلبات الحياة وتعقّدت المنظومة الإقتصادية للفرد والعائلة، في حين أن الجهة المُقرضة تستفيد أيضاً من تقاضي بدل خدمات الدين أو الفائدة، ولكن على المقبلين على هذه التسهيلات من شبابنا أن يكونوا أكثر وعيّاً قبل الإقدام على الإستفادة منها.
 
التنافس بين الشباب شيء جميل وإيجابي جدّاً، بل هو أحد أهم المحفزّات للسعي في طريق النجاح، إلّا أنه في الزمن الذي نعيش أصبح أمام كل ضرورة أو رغبة في بال الشاب نافذة اسمها التسهيلات المصرفية (القروض)، وهي سلاح ذو حدّين، فبالوقت الذي تسهّل حصول الشاب على مبتغاه والذي قد يكون أساسيا له ولعائلته فعلاً، فإنّها تخضعه للإلتزام بعقد قانوني طويل المدى في معظم الأحيان، وهذا العقد يختصر في كلمة واحدة هي الدَّين. ويكون التباين بين فريقيّ العقد أن العقد قد أعد وفصّل من طرف المُقرض على يد خبراء ماليين وقانونيين يعون جيّداً ويفهمون كل تفاصيل العقد بما يخدم في المقام الأوّل مصلحة هذا الفريق –وهو من حقّ هذا الفريق طبعاً-، في حين أن الفريق الثاني يكون بأغلب الحالات مواطنا بسيطا وموظفا يمضي على ما يوضع أمّامه من أوراق واضعاً نصب عينيه الوصول إلى حاجته فقط دون دراية كافية بتفاصيل العقد وما يترتب عليه بالضبط وعواقب عدم القدرة على سداد هذا الدين الكارثية.
 
ثقافة إستغلال التسهيلات المصرفية ليست حديثة الظهور في الأردن، ولكن إنتشارها في الآونة الأخيرة أصبح موضوعا ملفتا جدّاً خصوصاً مع الإزدياد الكبير في المؤسسات والجهات المقدّمة لهذه التسهيلات والتي تعدّت المصارف والمؤسسات المالية لتضم هذه القائمة الكثير من التجّار وأصحاب الأعمال إضافةً إلى توسّع قاعدة السلع الخاضعة لعروض التسهيلات والتي أصبحت تشمل مجالاً يبدأ من أبسط الحاجات إلى أكبر الرغبات من السلع والخدمات التي أصبحت تشمل قروض الرحلات السياحية ككماليات وحتّى قروض السكن وهي طبعاً من الحاجات الأساسية. هذا بالطبع أدّى إلى إتسّاع شريحة المتعاملين بهذه التسهيلات وبالذات فئة الشباب فهم الأكثر حاجة وبحثاً عن الدعم.
 
الفرق بين الإيجابية والسلبية في إستغلال خدمات التسهيلات المصرفية والإقراض يعتمد إعتماداً كليّاً على وعي ونضوج الشاب/الشابة إقتصادياً، فالقانون لم يوجد لحماية المغفّلين ولذا علينا أن نوّعي الشباب قبل أن يقعوا في شرور أعمالهم. نعم، يجب أن يكون هناك نضوج إقتصادي للتمييز ما بين الرغبة والضرورة وترتيب الأولويات والقدرة على موازنة الأمور المالية، وأيضاً القدرة على التمييز بين مخاطر الإقتراض وأشكال العقود والإتفاقيات للتمكّن من تجنّب العواقب الوخيمة وتأمين مستقبل زاهر قوّي وليس مظلم ضيّق، فكثيراً ما أصبحنا نسمع أيضاً عن أشخاص ركّبوا الديون فوق بعضها في سعيٍّ مدمّر غير مثمر يعتمد على فكرة أن يسد القرض قرض آخر.
 
الدَّين بحر، في شاطئه الأمان وفي أعماقه أمواج تتلاطم لا ترحم ولا تميّز وهي خطر حتّى على أمهر السبّاحين. لا نريد لشبابنا الغرق ولا نريد أن نراهم يعيشون في وهمٍ من العزّ المرهون، وبالتأكيد لا نرغب بأن يتحوّل حماسهم إلى طيش، فكل هذا يعاكس طموحنا بإقتصاد وطني مزدهر بأيدي شبابنا المقتدر. فقط إذا مكّناهم جيّداً وأعددناهم سنحافظ عليهم ونؤمّن مستقبلهم الواعد الذي وعدناهم به فهو حقّهم وواجبنا.