أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Sep-2021

كيف نواكب التحوّل الرقمي (4)*م. بلال خالد الحفناوي

 الراي

الجزء الرابع: تحديات التحول الرقمي
 
أسوةً بكلّ التغيّرات والتحوّلات المستهدفة لتحسين جودة الحياة، والارتقاء بها في مختلف المجالات، فإنّ التحوّل الرقمي قد يواجه عدداً من التحدّيات التي يمكن أن تؤول به إلى عدم تحقيق الأهداف المبتغاة منه، أو حتى إلى فشل التجربة على نحو كامل.
 
وفي هذا السياق تبرز أهميّة الاطّلاع على تجارب الآخرين، للاستفادة من قصص الإخفاق التي يمكن أخذ الدروس والعبر منها، أو قصص النجاح المُلهمة لاستخلاص أفضل الممارسات فيها، ومن ثَمّ العمل على نقلها للاستفادة منها في تجاربنا، مع أهميّة مراعاة السياق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي الخاصّ بنا، ومواءمة تجارب الآخرين بما يتناسب مع خصوصيتنا واحتياجاتنا الحقيقية.
 
كما يبدو من الأهميّة بمكان وضع خطّة لمواجهة التحدّيات المتوقّعة، وتجهيز الحلول المناسبة لها، ورسم خارطة طريق واضحة نحو الأهداف المنشودة، ما يؤدّي إلى إنجاح تجربة التحوّل الرقمي وتحقيق المستهدفات المتوقّعة منه مثل تحسين نمط الحياة، ورفع مستويات الإنتاجية في مختلف القطاعات وتحسين جودتها، وتقليل التكاليف سواء على المدى المتوسط أم البعيد.
 
ولعلّ من أهم التحديات التي قد تواجه التحوّل الرقمي وتحدُّ من نجاح التجارب التي تسعى لتحقيقه هو عدم وجود رؤية واضحة للتحوّل، وكما أسلفت في الأجزاء السابقة من هذا المقال، فإن الرؤية تتبعها القيادة الحكيمة، ومن ثم خطط الأفراد وسياسات الشركات والحكومات نحو التحول الرقمي، قبل أن يتمّ وضع الاستراتيجيات التي تهدف إلى تنفيذ السياسات، ومن ثم يتم إعداد الخطط وتشكيل فرق العمل بمهماتٍ ومسؤوليات واضحة بناء على الاستراتيجيات.
 
إنّ مواكبة التحول على المستوى الفردي هي مسؤولية مشتركة بين الفرد ومؤسسته، لكنّ تطبيق التحوّل على مستوى المؤسسات والحكومات يتم من صانع القرار والإدارة العليا أولاً، ومن ثمّ تُنشرُ ثقافته بالتوازي مع تنفيذ الخطط لبقية الإدارات على كافة المستويات حتى الوصول إلى أقل مرتبة وظيفية بالمؤسسة، ويكون الجميع شركاء نجاح وليسوا متنافسين أو مختلفين على قبول أو رفض التحول، لذلك يكون التحول هنا إرادة وقراراً وثقافة وخططاً والتزاماتٍ وجداول زمنية لمخرجات معروفة مسبقا، ويتم مراجعتها وتصويب أي خلل بشكل سريع ومباشر وتنفيذي وغير قابل للتقاعس من أي فرد.
 
أما التحدي المهم الآخر فهو تدنّي مستوى الكفاءة الرقمية، والكفاءةُ المقصودة هنا تكونُ حصيلةَ التعليم والمهارة والخبرة، فالتعليم هو أساس كلّ تطور، وكل بذرة للتغيير نحو الأفضل، ويشمل التعليم كافة المستويات سواءً أكان مدرسيّا، أم جامعياً، أم مهنياً، إذ إنه لا يقتصر فقط على دراسة الكتب المدرسية أو المساقات الجامعية أو التخصصات المهنية، بل إنه ذو مفهوم واسع يتضمن الرغبة في التعلم المستمر ومواكبة التطورات والدراية بكل ما يحتاج له الشخص في حياته العملية في مجال تخصصه، وضمن احتياجاته التي يتطلّبها عمله على المستوى الفردي والمؤسسي.
 
أما بخصوص الخبرات فإن مخزون الخبرة يساعد الشخص على تجاوز التحديات بالتعليم المستمر لتحديث خبراته وتطوير مهاراته، فالخبير يستطيع ملاحظة الفروقات خلال تعلّمه المستمر، ويواكب التطوّر بطريقة سريعة بناء على طموحاته اهتماماته.
 
ومن التحديات المهمة جدا المرتبطة بالتحول الرقمي هو توافر الدعم المادي للاستثمار في التحول الرقمي وإنجاحه، وهو تحدٍّ مهم جدا لكثير من الدول والشركات، وسر النجاح يكمن في اختيار المستثمرين الذين يتوافقون مع رؤية الدولة للتحول الرقمي وأهدافها الخاصّة من هذا التحوّل، سواء على مبدأ الشراكة في العوائد أو نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT)، وفي كل الأحوال يتوجب على الدولة أن تمسك بزمام الأمور والحفاظ على رؤيتها، وإعداد حوكمة مناسبة طيلة مراحل التحول بما يتوافق مع مصلحة الدولة والمواطن.
 
كما يتوجب على الدولة الاستثمار بالشركات الوطنية الناشئة الصغيرة والمتوسطة التي تتوافق مع الرؤية الرقمية للدولة وتعمل على التشجيع على الابتكار ودعم المبادرات في تحسين الخدمات العامة وكافة القطاعات الاقتصادية.
 
ومن التحديات الأخرى التي ينبغي وضعها في عين الاعتبار تحدّي البنية والأنظمة التقنية، إذ لا يمكن تحقيق التحوّل الرقمي المنشود دون بنية تقنية داعمةٍ لهذا التحوّل وممكّنة له في مختلف المجالات، كما لا بدّ من العمل على توفير الأنظمة الرقمية التي تضع التحوّل الرقمي في حيّز التطبيق، وهنا يكمن التحدي الأكبر في توحيد الجهود وتسخيرها باتجاه تسريع التحوّل الرقمي وإنجاحه، ويجب التوضيح هنا أن الأنظمة المطلوبة تتفاوت من أنظمة بسيطة كنظام تخطيط موارد المشاريع (ERP)، إلى الأنظمة المتوسّطة مثل الشبكات أو المنصات الخاصة بالمؤسسات أو الجامعات التي تخدم إطار العمل فيها وتتعامل مع المستفيدين منها كالطلبة والهيئات التدريسية الادارية، إلى الأنظمة الكبيرة كالحكومة الإلكترونية أو الشبكة الحكومية الموحدة والتي يمكن من خلالها تقديم جميع الخدمات للمواطنين بطريقة سريعة وفعالة.
 
قد تختلف طبيعة الأنظمة الممكّنة للتحول الرقمي في تقنياتها وإمكانياتها حسب الهدف المنشود، لكنّ جميع هذه الأنظمة تشترك بعدة أمور ومنها الشمولية بحيث تغطي كافة المستفيدين بغض النظر عن مكان المستفيد، وتشترك بالمرونة (flexibility) والتوافر(availability) والقدرة على التطوير الدائم، والقدرة على الاستقرار والثبات في الأداء (Resilience). أما بخصوص البنى التحتية فيعكس تطورها قدرة الدولة على التحول الرقمي بطريقة أسرع وأشمل.