أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2022

إعادة التفكير في السياحة*م. عوني ناصر قعوار

 الراي 

لقد اعتدنا الاحتفال في يوم السياحة العالمي 2020، والذي يصادف 27 من أيلول في كل عام ويقام في بلدان مختلفة بهدف تسليط الضوء على الأهمية التي تلعبها السياحة في الكثير من نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية و الإنسانية، وفي كل عام يتم رفع شعار مختلف يتضمن موضوعا حيويا بما يتناسب والظروف القائمة وآخر المستجدات، وفي هذا العام سيقام الاحتفال في اندونيسيا بمدينة «بالي» نظراً للتقدم الذي شهدته هذه المدينة في مجال السياحة والثقافة وما تتمتع به من شواطئ سياحية خلّابة وما تقدمه من طعام يناسب معظم الأذواق إضافةً إلى طيبة الشعب وكرم ضيافتهم.
 
أما شعار «إعادة التفكير في السياحة» (Rethinking Tourism) فهو في غاية الأهمية ولم يكن بمحض الصدفة خاصة بعد أزمة وباء كورونا التي ضربت أطنابها خلال السنوات الثلاث الاخيرة وما خلّفته من آثار سلبية كبيرة على جميع القطاعات، خصوصا قطاع السياحة والسفر والطيران الذي توقف بصورة تامة ولفترة ليست بالقليلة.
 
وهذا ما يدفعنا إلى ضرورة إعادة التفكير في هذا القطاع الذي قدم إنجازات عظيمة ومتنوعة ظهرت جلية في مجالات الحياة المختلفة، فقد لعب دورا رئيسا في دفع العجلة الاقتصادية على المستوى العالمي والمحلي بالإضافة إلى توفير فرص عمل كبيرة وبالتالي محاربة البطالة، ناهيك على أن السياحة هي ركيزة أساسية للتنمية، ولن ننسى دورها في الارتقاء الفكري للشعوب فهي الجسر الذي يربط ثقافات الشعوب على اختلاف الوانها ومعتقداتها وأماكنها، ومع تفشي جائحة كورونا ظهر الكثير من مواطن الضعف في التعامل مع الأزمات، كما تبين أن الخطط الموضوعة للتعاطي مع الأزمات والتصدي للتحديات تفتقر الى الكفاءة، كما أن الطرق التقليدية للسياحة لم تعد كفيلة لاستمرار هذا القطاع وتحقيق التنمية المنشودة منها والوصول إلى السياحة المستدامة.
 
تحتاج صناعة السياحة إلى الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية التي تتطلب التعاون والشعور بالترابط بين جميع الأطراف المعنية من شركات و أفراد، كما تحتاج إلى تحفيز الإبداع لإيجاد طرق ناجعة للسيطرة على مواطن الضعف في الطرق التقليدية للسياحة خاصة وأن السياحة تمتلك إمكانات هائلة يعد تحقيقها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق منظمة السياحة العالمية والحكومات وشركات ومكاتب السياحة جميعاً، ومع بدء تعافي هذا القطاع من تداعيات الجائحة وانفتاح العالم مرة أخرى، فعلى جميع المعنيين إعادة التفكير في كيفية الوصول الى سياحة مستدامة قادرة على مواجهة التحديات على اختلاف أشكالها سواء الصحية، والبيئية، والاقتصادية وحتى النزاعات السياسية.
 
وهذا يتطلب التحلي بروح الابتكار والتعاون، كما يتطلب التخطيط لبناء مستقبل أفضل من حيث المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الآخرين، والاستعداد لتغيير نماذج السياحة المقدمة لتلبية الطلب الجديد والمختلف، ودفع نتائج عملية التنمية التي تعطي الأولوية للمجتمعات المحلية، ولا ننسى أهمية التركيز على البيئة والأشخاص والتكنولوجيا للاستعداد لمواجهة التغيرات المفاجئة والتصدي للأزمات، وعلى المستوى المحلي لابد من اعتماد استراتيجية لتطوير صناعة السياحة بشكل يتناسب مع معطيات العصر الحالي بعد كورونا، وقيامها على مبدأ السياحة البيئية الخضراء والعمل على تطوير المناطق السياحية لاستقطاب السياح على المستوى الدولي، بالإضافة الى أهمية العمل على تطوير السياحة الداخلية والتركيز على المثلث الذهبي «العقبة، البترا، وادي رم».
 
هنا لا ننسى التركيز على استخدام منصات التواصل الاجتماعي لترويج المواقع السياحية تحت إشراف هيئة تنشيط السياحة مع ضرورة التركيز على أن الأردن بلد يتمتع بالأمن والأمان، من خلال توفير عروض وبرامج سياحية متنوعة لضمان إطالة فترة إقامة السائحين وبأسعار معقولة، وكذلك تطوير مهارات الأيدي العاملة الأردنية من خلال عمليات تدريب تقوم على مبدأ الجودة والاستدامة لإعادة تشغيلهم في القطاع بعد أن تم تسريح عدد كبير منهم بسبب الجائحة، وإعادة تأهيل المواقع السياحية والأثرية وخاصة مواقع التراث العالمي ومواقع الحج المسيحي وبتعاون جميع الجهات المعنية مع ضرورة اشراك القطاع الخاص بوضع خطط لحل الأزمات لما يتمتع به من خبراء السياحة لا يمكن الاستهانة بهم.
 
كذلك لابد من رصد ميزانية خاصة من قبل المعنيين من شأنها دعم هذا القطاع في حال حدوث أزمات لتفادي الإغلاقات التي عانت منها مكاتب السياحة والمنشآت السياحية وأدت إلى تسريح عدد كبير من العاملين في القطاع، الأمر الذي يعيد الثقة للمستثمرين في هذا القطاع، فكل عام و السياحة تنعم بأفضل حال وأكثر اهتمام من قبل الجميع، ليستمر ويتصدى لجميع التحديات و الصعوبات ويحقق أعلى المردودات والأهداف المرجوة منه، ورفد خزينة الدولة بنسبة 14 بالمئة كما كانت سابقا.