أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Jan-2020

القطاع الصحي المبعثر في الأردن*إبراهيم سيف

 الغد

لا يتوقف الامر على الخدمات الطبية الملكية في ازمتها المالية التي اعلنها مدير الخدمات الطبية الملكية اللواء شوكت التميمي، فالقطاع الصحي يحتاج الى مراجعة شاملة، ويحتاج الى عدد من المعايير الدولية التي تستخدم لقياس نجاعة الأداء، ويحتاج الى تنظيم وتحسين في أسس ومعايير الإدارة في القطاع الذي يقدر حجم الانفاق فيه وفقا للمجلس الصحي العالي بحوالي 2.2 مليار دولار قبل عامين، 60 في المائة منها ممولة من القطاع العام والبقية ممولة من القطاع الخاص وبعض مصادر التمويل الدولي، وتقترب تلك النسبة في الانفاق الكلي من حوالي 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة تضاهي ما تنفقه بالمعدل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولا يكمن الحل في القطاع بزيادة المخصصات، فهناك خلل في مرجعيات عمل القطاع وهناك تعدد وتشابه في عمل الجهات القائمة على القطاع العام والتي تتمثل الى جانب وزارة الصحة، بالخدمات الطبية الملكية والجامعات الرسمية، والشكوى من الثلاث جهات واحدة، ضغط هائل، تردٍ في مستوى الخدمات، قلة الاختصاصيين ونقص في الموارد، ولا يكمن الحل فقط بزيادة مخصصات القطاع في الموازنة وبناء مرافق ومستشفيات جديدة، بل يتمثل مبدئيا بإعادة نظر شاملة للقطاع تقدم رؤية متوازنة لكيفية السير والتأكد من ان الانفاق يتم في الوجوه التي يجب تغطيتها، إذ ليس من الطبيعي ان يكون نصيب الفرد من الانفاق على القطاع الصحي حوالي 500 دولار سنويا ونطالب بزيادته، فهذه النسب مرتفعة للدول ذات الدخل المتوسط كالأردن، وكذلك الأمر فيما يخص مستويات الانفاق على الادوية والتي تبلغ حوالي 600 مليون دينار سنويا وهي مرتفعة قياسا الى تركيبة وعدد السكان.
لا ندعي الخبرة في هذا المجال، لكن الإدارة والاعفاءات وصرف الادوية بعشوائية كلها قصص تتكرر منذ سنوات ولا يوجد من يعمل على تقديم رؤية متكاملة للقطاع الصحي، فالقطاع ينوء بأعبائه حاليا في الوقت الذي تشكل نسبة السكان ذات الفئة العمرية أقل من 30 سنة حوالي 72 في المائة من عدد السكان، بمعنى ان المجتمع وهو يتجه نحو معدلات أعمار اعلى سوف يحتاج الى موارد إضافية ليتمكن من الوفاء بالتزاماته.
ويمكن الاستمرار بتوصيف تحديات القطاع وطبيعة الامراض التي تواجه المجتمع وتقسيم النفقات بين الرعاية الأولية في المراكز الصحية او الرعاية الثانوية في المستشفيات، وكيف تشكل النفقات على الرعاية الثانوية (المستشفيات) الحصة الأكبر من الانفاق العام، بما يعكس اختلالا في تركيبة النفقات.
كل هذا يعني ان زيادة المخصصات، وتسديد المتأخرات في ظل غياب رؤية واضحة سيقدم حلولا مجزّأة ومؤقتة، ضمن هذا السياق فإن الحديث عن تأمين صحي شامل في ظل الأداء المؤسسي القائم لا يعدو كونه شعارا صعب التطبيق ويفاقم مشاكل القطاع، والذهاب بعيدا في هذا الباب يعني توليد المزيد من الضغط على مرافق القطاع العام، وتردي نوعية الخدمة، وتغييب حلول تشاركية توزع العبء وتجترح حلولا جديدة تقدم نوعية الخدمة على شموليتها بدلا من التهافت على التأكيد على ان كل شيء سيبقى على حاله ولن يتم تخصيص القطاع او إعادة النظر بأسلوب الإدارة والتنسيق المؤسسي، فدفن الرؤوس في الرمال لا يعني ان مشاكل القطاع ستحل.