تستطيع الحكومة أن تغرق في حوارات بلا نهاية وتستطيع أن تحسم قرارها بما يتوفر لها من معطيات واقعية،حتى مشروع قانون ضريبة الدخل المسحوب لم يسقط من السماء فقد إستغرق إعداده وقتا كافيا ودارت حوله حوارات ونقاشات،لكنها جاءت بعد طرحه على الرأي العام وهو ما تحاول هذه الحكومة إستدراكه بحوارات تسبق طرح النسخة الجديدة .

 

لا أتوقع أن يطرأ تغيير كبير بين النسختين،مع أن الحكومة كما يبدو تفكر في خفض النسب لكنها لن تكون كما هي عليه في قانون ضريبة الدخل ساري المفعول،ولن تكون كما هي في النسخة المرفوضة .

 

الحوار الذي يفترض أن لا يطول لا زال في العموميات لكن يكفي لإخراج قانون جديد إدخال تحسينات مثل رفع قيمة الدخل المعفى للأفراد إلى 10 ألاف دينارسنوياً ودخل الأسرة الى 20 ألف دينار وهي نسبة ستترك 96% من الافراد خارج القانون وإلغاء أو تغليظ شروط إيقاع عقوبة السجن فالسجن يعني تجميد العملية الإنتاجية للمكلف فردا أو صاحب شركة مفوض وهو ما يعني التوقف عن الإنتاج وتحقيق الإيراد بما في ذلك حقوق الغير من رواتب وأجور والتوقف عن دفع ضرائب عن الفترة التي يقضيها في السجن دون أن يحقق خلالها دخلاً..

 

ليس من طريقة لتخفيض ضريبة المبيعات ورسوم الجمارك دون تراجع إيرادات الخزينة، والأولوية هي للمصلحة العامة وليس لمصالح بعض الفئات من أصحاب الصوت العالي أو الشركات النافذة وإلا ما هي فائدة الإصلاح المالي والإقتصادي إن لم يحقق زيادة الإيرادات لخفض العجز وليس تخفيضها لزيادته.

 

ضريبة المبيعات ستكون في مصلحة الفقراء ومتدني الدخل إن أعفيت منها السلع الأساسية ما عدا ذلك هي مرتبطة تصاعديا بالاستهلاك،وهنا يكمن السر في عدالتها،خلافا لضريبة الدخل كما هي عليه الآن إذ تعفي 92 % من المواطنين وتخص فقط الرابحين والخلل فيها يتجلى في أنها كانت ولا زالت تعاقب الإنتاج .

 

النظرة الموضوعية هي أن يأخذ قانون ضريبة الدخل بالإعتبارزيادة الإنتاج وأن تأخذ ضريبة المبيعات بالإعتبارالحد من الاستهلاك والمشكلة الهيكلية كما تبدو هي ضعف الإنتاج وزيادة الإستهلاك والاستيراد