أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    31-Dec-2019

جانب من حكاية السكك الحديدية*د. زيد حمزة

 الراي

في عالم متسارع التقدم حيث تزدهر حركة بناء خطوط السكك الحديدية وتتطور صناعة القطارات حتى شهدنا منها في الصين مؤخراً ما ينطلق بسرعات مذهلة مع أنها في منطقتنا مازالت متقطّعة الانفاس والاوصال لا يربط بينها شَبكة واحدة موحدة منذ فجّر لورانس بعض خطوطها في الحجاز! ومازلنا في الاردن نحنُّ لصوت قطار قديم مسكين كدنا ننساه لان هناك من يصر علينا بعدم جدواه، أليس حرياً بنا أن نتأمل قصة السكك الحديدية في بلد شقيق كالسودان لديه شبكة أنشئت منذ مئة عام وامتدت من شماله لجنوبه وربطت مشاريعه الزراعية وتجارتها بموانئه وأصبح لد?ه بفضلها طبقة عاملة مدربة وخبيرة شكّلت واحدةً من أكبر واقوى النقابات العمالية في الوطن العربي الى أن جاء زمانٌ جثم فيه على صدور السودانيين دكتاتور اسمه جعفر النميري، فتصدت له القوى الوطنية وفي طليعتها عمال السكك الحديدية ولما لم تفلح الاعتقالات والتعذيب في قمعهم اشار عليه زبانيته بالخطة الجهنمية التي تقضي بتجفيف منابع رزقهم أي بتدمير مؤسسة السكة الحديدية نفسها فبدأ بتقليص ميزانيتها ليس فقط لحرمانها من تطوير قاطراتها أو تجديدها أو شراء قطع الغيار الضرورية لها بل أيضا لحرمان العاملين فيها من علاواتهم ومكافآت?م حتى اضطرت نسبة كبيرة منهم أن تهجر المؤسسة ما أدى الى الغاء العديد من خطوطها رغم ضرورتها فتضاءل طولها من ستة آلاف كيلومتر الى أقل من ألفين، وانصافاً للواقع فان الجزء الحديث من هذه الحكاية ذكره قبل أيام على راديو الـ BBC مدير المؤسسة الحالي ومقره عطبرة المعروفة بمدينة الحديد والنار لكثرة ما فيها من مشاغل صناعية تخدم السكك الحديدية أما الخلفية التاريخية للحكاية فقد رواها لنا مسؤول في ثورة 1985 حين كنا نحضر في العام التالي في الخرطوم اجتماعات مجلس وزراء الصحة العرب، وروى كيف دمر جعفر النميري مرفق النقل العام?للقطارات وهو ركن هام من اركان الاقتصاد الوطني السوداني كي يتخلص من المعارضة لكن جذوة الثورة لم تخمد حتى اطاحت به ثم عادت للاشتعال فاطاحت بالدكتاتور اللاحق عمر البشير في نيسان الماضي بمشاركة آلاف العمال الذين انطلقوا هذه المرة أيضا من ايقونة الثورة ((عطبرة)) متوجهين نحو الخرطوم.. وانتصروا.
 
وبعد.. يعلّمنا التاريخ وحكايات كثيرة كحكاية السودان ان الحاكم المطلق لا يهمه إلا الاحتفاظ بالسلطة ولو حرَقَ عاصمته مثلما فعل الامبراطور الروماني نيرون أو لو دمر اقتصاد بلده بمشاريع خرقاء كالتي شهدناها في عهود مظلمة أخرى في بلادنا العربية، لكن بعض مثقفينا الانتهازيين الذين يعرفون ذلك جيداً مازالوا يروجون لفرية العادل المستبد!