الرسالة من نقل السفارة أبعد من أن تكون نكاية بالعرب وخلفهم العالم الرافض لهذه الخطوة , فهي تكرس لمرحلة جديدة معناها أن الصلف الإسرائيلي المدعوم أميركيا لم يكن بمثل هذا الوضوح يوما ما لكنه علامة على ضعف بعض العرب وعدم اكتراث بعضهم الآخر فمنهم من لم يعد يرى في القدس أولوية ومنهم سحب عنها الغطاء التاريخي والديني والحضاري فهي من وجهة نظرهم مجرد مدينة حتى أن بعضهم إعتبرها من حقوق إسرائيل والفرق كبير بين إسرائيل الصهيونية واليهود كديانة لأن ثمة يهود عارضوا الفكرة ربما بتشدد أكثر مما أبداه بعض المسلمين والعرب .

 

هذه الخطوة حكمت سلفا بفشل الخطة الأميركية لفرض سلام وإن كانت الولايات المتحدة بتقديرها قادرة على فرضه عبر بعض العرب المؤيدين لأي تسوية بأي ثمن لمجرد الخلاص من وجع الرأس فحركة التاريخ تقول غير ذلك وما يجري في فلسطين قبل وخلال وما سيجري بعد يوم نقل السفارة أكبر دليل على ذلك .

 

نقل السفارة كان بالون إختبار لقياس رد الفعل العربي على خطة السلام الأميركية الإسرائيلية المنتظرة وهي لن تكون أقل سوءا من عملية نقل السفارة بحد ذاتها فهل لدى العرب شيء آخر غير غير الإجتماعات وخطابات التنديد .

 

الأردن والفلسطينيون يقاتلون وحدهم في معركة القدس , هذه حقيقة , ففي الوقت الذي كرس الأردن فيه جهده على مدى العقد الماضي لإعادة تموضع قضية فلسطين لتعود قضية العرب , كان هناك من يقود القضية في إتجاه معاكس يتكريسها مجرد صراع إسرائيلي مع سكان فلسطينيين .

 

الشمس لا تغطى بغربال , ويمكن بوضوح رؤية المواقف , وإن كانت القدس القبلة الأولى للمسلمين برمزيتها الدينية والتاريخية , فصلت بين الخيط الأسود والأبيض فهي أيضا أسقطت الأقنعة التي كانت تتغطى تحت هدف واحد لدول عربية وإسلامية , وهو السلام بأي ثمن بما يمهد لشرعنة العلاقات القائمة فعلا بين هذه الدول وإسرائيل , حتى لو كانت القضية الفلسطينية والقدس خارج مسرحها .

 

القدس مسؤولية عربية وإسلامية ومسيحية ودولية والقرار الأميركي لن يغير الحقائق التاريخية، ولن يؤثر على الحقوق التاريخية والقانونية للفلسطينيين ؛ ولكل مسلمي ومسيحيي العالم حتى لو غض بعض العرب الطرف .