أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jul-2017

مخاطر التأميم: المزيد من الملكية للدولة ليس حلا للعلل الاقتصادية

الغد-ترجمة: ينال أبو زينة
 
عندما كشف جيرمي كوربين عن بيانه العمالي قبل الانتخابات البريطانية الأخيرة، تعهد المعارضون بإعادة تأميم أنظمة البريد والسكك الحديدية.
وهذا الحماس الذي حظيت به ملكية الدولة إنما ينم عن فلسفة تركها قادة اليسار واليمين منذ فترة طويلة. وعلى الرغم من الأداء الانتخابي اللائق للأيدي العاملة، فإن التأميم لا يسري جيدا في كل مكان.
ففي الخامس من شهر حزيران (يونيو)، أعلن دونالد ترامب عن رغبته بخصخصة السيطرة على الحركة الجوية. ولكن آراء كوربين وبيرني ساندرز التي برزت في وقت يضعف فيه العالم الغني، تعني أنه كلما يبعد الاقتصاد أكثر عن القبضة الحكومية، كلما كان ذلك أفضل. وليس توسيع ملكية الدولة إلا طريقة رديئة لدرء العلل الاقتصادية.
وفي الجزء الأكبر من القرن العشرين، كان الاقتصاديون يلاحظون القليل القليل من تحكم الدولة بالاقتصاد والأمور الاجتماعية.
 ومع ذلك، أوصى موريس أليس –الخبير الاقتصادي الفرنسي الذي حصل على جائزة نوبل في العام 1988- بأن إدارة الحكومة لشركات قليلة في كل صناعة أمر جيد لمراعاة المزايا النسبية للملكيتين العامة والخاصة.
وعادةً ما يعتنق الاقتصاديون سياسة ملكية الدولة كحل لفشل الأسواق. وفي ضوء أنه ليس هنالك من طريقة لتوفير الأمن القومي للمواطنين الذين يدفعون مقابله فقط مع حرمان البقية منه، فإن هذا الواقع يتطلب حكومة تتمتع بالنفوذ الكافي لفرض الضرائب مقابل توفير خدمات الدفاع.
وفي حالات الاحتكار الطبيعي، كتلك في المواصلات والاتصالات، يصبح التأميم بديلاً جيداً يتيح للشركات المهيمنة أن تستخدم نفوذها السوقي لتفرض رسوماً إضافية على الخدمات الفرعية.
 وبواقع الحال، تظهر سيطرة الدولة جذابة عندما تفشل السوق الخاصة في توفير إمكانية ولوج شاملة إلى الخدمات الرئيسية.
ولدى المدارس الخاصة وشركات التأمين الصحي –في هذا الخصوص- حافزها الانتقائي لضم الطلاب الأفضل والأفراد المتمتعين بالصحة الأفضل بين الجموع، مع رفض توفير خدماتها للحالات الأكثر تعقيدا، الأمر الذي يفضي غالبا إلى خلق مجموعات بشرية تستحيل خدمتها بشكل مربح.
ولكن، في سبعينيات القرن الماضي بالتحديد، أصبح الاقتصاديون يشاهدون ملكية الدولة كعلاج مكلف لمشاكل من هذا النوع، لاسيما وأن مُلاك الشركات الخاصة يستفيدون فورا عندما تخفف الابتكارات من التكاليف وتعزز الأرباح في الوقت ذاته؛ وغالباً ما يفتقر البيروقراطيون لهذا الحافز المالي عندما يتعلق الأمر بتحسين الأداء.
وتعتبر الشركات التي تدعمها الدولة، من جهة أخرى، أقل عرضة للمنافسة بواقع الحال وهو ما يعود إلى اكتنازها للموارد التي يمكن أن تستخدم على نحو أفضل في أماكن أخرى.
وفي الحقيقة، ليس تجاهل تخفيف التكاليف عيبا رهيبا في كل وقت. فقد أشار أوليفر هارت، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد العام الماضي، إلى السجون الخاصة كحالة يحتمل أن يقبل فيها المدراء ذوي الأهداف الربحية تخفيض تكاليف رفاه السجناء الذين يفضل المجتمع عدم عودتهم إليه.
ومع ذلك، وجد الاقتصاديون في تباطؤ انتاجية سبعينيات القرن الماضي الدليل القاطع على أن الدولة واسعة النفوذ الاقتصادي تخنق الديناميات الاقتصادية. وقد فاز كوربين بالانتخابات البرلمانية لأول مرة عندما كانت حكومة مارغريت تاتشر، المستوحاة من ميلتون فريدمان، تبيع الحصص من الشركات المملوكة للدولة بنهم، كـ"بريتيش ليلاند" (شركة تصنيع السيارات المؤممة)، والخطوط الجوية البريطانية، فضلا عن الشركة التي كانت تعرف أن ذاك باسم "بريتيش بتروليوم". وحذت حكومات أخرى حذو المملكة المتحدة رغم أن الأصول العامة ما تزال ضخمة في بعض البلدان.
وعلى صعيد آخر، تشكل الشركات المملوكة للدولة خطرا. فربما تضع الشركات المدارة حكومياً الرواتب الضخمة فوق رضا العملاء. والأكثر إثارةً للقلق هو أن الشركة المملوكة للدولة يمكن أن تصبح عجلة فساد تستخدم نفوذها في تحويل هبات الدولة إلى الأنصار وتنقل الثروات الاجتماعية بشكل مريب إلى جيوب الأقوياء.
ومن جهة أخرى، ولو أن النفور من التأميم أمسى يتراجع في الوقت الراهن، علينا أن ندرك أنه يتعلق بشكل أقل بالثقة باختصاص الدولة المكتشفة حديثاً مما هو بخيبات الأمل المتصاعدة بالأعمال التجارية الخاصة. ورغم أن الدراسات عادة ما تجد الدول التي تسيطر فيها الحكومات على جزء كبير من الاقتصاد أبطأ نمواً من أخرى، يتقدم جزء كبير من العالم الثري بثقل وبطء عبر ركود الانتاجية. وتقترح أرباح الشركات المرتفعة أن الأسواق الناشئة ليست بؤرا للمنافسة المشتعلة. وقد أدى النمو الاقتصادي الأخير أفضل على صعيد إثراء المساهمين ومجموعات صغيرة من العمال ذوي المهارات العالية بدلا من العامة ككل. وفي حين أن عمالقة التكنولوجيا مثل "جوجل" و"فيسبوك" تبهج المستخدمين، لكنها تكسب قوة اقتصادية واجتماعية بشكل متزايد في الوقت ذاته.
وقد صممت الأشكال الحديثة للملكية العامة لتبدو أفضل بكثير من سابقاتها. وربما يشمل التأميم الجديد حكومات تجلس بصمت في الاجتماعات، مستوليةً على حصة من أرباح المحفظة العامة ومذكرةً الشركات بعدم إهمال مسؤولياتها الاجتماعية، بينما تترك ما يكفي من الحصص في أيد خاصة لتظفر بمزايا الرأسمالية الدموية.
وظف لا تطرد
حتى هذه الصيغة المتواضعة للرأسمالية يمكن أن تخيب الآمال. فالملكية المشتركة، حتى في أصغر أشكالها، لديها ما يلزم لتنافس بشراسة إلى درجة الإضرار بالعملاء. ونشوء عمالقة إدارة الأصول، مثل "بلاك روك" و"فانغارد"، يعني أن حصصا ضخمة من الشركات التي تمثل جزءا كبيرا من سوق الأسهم تخضع لسيطرة ثلة من المستثمرين المجهولين الذين يديرون أموال المدخرين من القطاع الخاص. وتقترح الأبحاث العلمية الأخيرة أن هذه الملكية المركزة يمكن أن تضر أكثر مما تنفع بالنسبة للمنافسة. وعلى سبيل المثال هنا، فقد ارتفعت الرسوم بنحو 3 إلى 5 % بسبب الملكية المشتركة التي يتمتع بها مدراء الأصول فوق الخطوط الجوية مما كانت لتكون عليه لو أن الملكية كانت أكثر استقلالية.
وفي الواقع، يمكن لبعض اليساريين أن يقتنعوا بأن الأسعار المرتفعة تكلفة مقبولة مقابل تخفيف نفوذ شركة ما. ومع ذلك، هناك مزيد من المخاطر ليتم أخذها بالاعتبار. وربما تعتمد الحكومات التي تحاول توفير فرص عمل جيدة على الشركات المدارة حكوميا لتوظيف المزيد من الأيدي العاملة، خاصة في الدول التي تملك نقابات قطاع عام قوية ومؤثرة. ويمكن للمستهلكين ودافعي الضرائب أن يتحملوا هذه التكلفة في الحقيقة.
وفي نهاية المطاف، ورغم أن النفوذ المؤسسي وعدم المساواة ونقص العمالة جميعها مدعاة للقلق في كل وقت، فإنه توسيع قبضة الملكية الحكومية ليس علاجا فعالا وجذريا لهذه العلل الاقتصادية وغيرها.