أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-May-2018

الضريبة والطبقة الوسطى: أسئلة سطحية *باسم الطويسي

 الغد-يحاول الخطاب الرسمي السياسي والإعلامي أن يدافع عن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد بمجموعة من الأطروحات المتناقضة وأحيانا السطحية ومرة ثالثة استعلائية؛ على الرغم من أن مشروع القانون فيه جوانب إصلاحية مهمة يمكن البناء عليها للوصول الى توافقات وطنية، ولعل أطروحة أن القانون لا يستهدف الطبقة الوسطى واحدة من بين أكثر ما قيل غرابة وسطحية وتناقضا مع منطق وفلسفة ضريبة الدخل والاقتصاد.

الطبقة الوسطى مفترض أنها القاعدة العريضة للسكان، وهذه الطبقة ليست واحدة في الخصائص الاقتصادية والاجتماعية وتتنوع في مستوى الدخل والتمكين الاقتصادي، وفي معظم المجتمعات والدول التي طورت اقتصاداتها بالاعتماد على الذات من خلال نظم ضريبية كفؤة وعادلة، كانت الطبقة الوسطى هي خزان الضرائب، ومن المستغرب أن يقال إننا لا نستهدف هذه الطبقة في الضرائب، وفي الحقيقة فإن النظر الى مشروع القانون الجديد يؤكد أن المتغير الجديد في فلسفة الضريبة الأردنية، وفق هذا القانون، هو دخول الطبقة الوسطى رسميا لقاعدة المكلفين بالضريبة، ولكن يبدو أن هذا الأمر يصاغ حاليا على عجل وبدون تدقيق حقيقي كما يعكسه نظام الشرائح الذي يقدمه مشروع القانون الحالي، وهو نظام غير عادل وفيه إقحام كبير لشرائح واسعة من هذه الطبقة وغاب عنه التدرج الفعلي، ولا يمكن فهم هذا الصيغة إلا في ضوء الرغبة في توسيع قاعدة المكلفين من نحو 5 %، حسب الأرقام الرسمية الى
10 %، وهو ما كان يمكن أن يتحقق وربما بنسب أكثر لو تم العمل على تطوير أدوات ونظم التحصيل بالاعتماد على نظم معلومات شاملة وأتمتة العمل في مؤسسات الدولة.
يردد الخطاب الرسمي أن مشروع القانون الجديد يستهدف الوزراء والأمناء العامين والمديرين العامين، ويسأل المواطن وكم عددهم هؤلاء؟! ويسأل آخر من قال إن هؤلاء وبالتحديد الأمناء والمديرين الذين لا تتجاوز معدلات رواتبهم 2500 دينار، أليسوا من أبناء الطبقة الوسطى، لنذهب الى مثال آخر، أستاذ جامعي وزوجته التي تعمل أيضا أستاذة جامعية، وهما بدون شك أسرة تقع في صلب الطبقة الوسطى، ويلزمهما مشروع القانون الجديد أن يدفعا ضريبة ضمن الشريحة الرابعة؛ أي أنهما قد يدفعان خمس دخلهما وربما يستفيدان من بعض الإعفاءات، لكن في المجمل سيجد الأستاذ الجامعي الذي قضى نصف عمره يتعلم أنه لن يستطيع دفع قسط سيارته أو قسط المدارس أو ربما قسط الشقة، وكل أسرة من هذه الطبقة لديها التزام بقرض، أو أكثر مما سبق، في العام المقبل، سنجد الأستاذ الجامعي يعمل في الشوارع الخلفية سائق أجرة على أحد تطبيقات التاكسي الجديدة، وربما نجد الأستاذة الجامعية المحترمة تطوي الليل تكتب أوراقا بحثية تبيعها لمكتبة تقوم بدورها ببيعها لطلبة عرب.
المشكلة أن الآثار الآنية لهذا القانون قد لا تعطينا تصورا حقيقيا عن الآثار العميقة التي ستضرب فئات حساسة ومؤثرة من المجتمع، هذه الفئات هي الكتلة الحرجة في الطبقة الوسطى التي تشكل الرأي العام وتعبر عنه وتصوغ ذائقة الناس ووجدانهم، إنها الكتلة التي تحدد قيم رأس المال الاجتماعي.
علينا أن نسأل بجدية وقلق أيضا عن اليوم التالي وتحديدا عن الاستقرار، وكيف سيؤثر هذا القانون على الاستقرار بمعناه العميق، علينا أن نغادر فهمنا التقليدي للاستقرار القائم على البعد الأمني، فالاستقرار الاجتماعي هو الأعمق والأهم.
علينا أن نكون أكثر وضوحا وأكثر صدقا مع المجتمع، المصلحة الوطنية وبناء اقتصاد قادر على الوفاء بالحد الأدنى من الاعتماد على الذات، يتطلبان دخول شرائح واسعة من الطبقة الوسطى لدائرة المكلفين بضريبة الدخل، ولكن ليس بهذه الطريقة وليس بنظام الشرائح المقترح، والخطورة أنه سيطبق فقط على فئات حساسة من هذه الطبقة في الوقت الذي لا يقدم فيه القانون أدوات جادة وفاعلة لمعالجة مشاكل التهرب الضريبي والتحصيل غير الفلسفة العقابية، التي تعني ببساطة أن شرائح واسعة ستبقى خارج دائرة التكليف وستفلت من العقاب أيضا.