أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Jan-2019

زيارة تاريخية* مكرم الطراونة

 الغد

وسط نشاط سياسي ودبلوماسي كبير تشهده العاصمة عمان، جعلها قبلة السياسة الإقليمية على مدار أكثر من أسبوع، جاء الإعلان عن زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى العاصمة العراقية بغداد، وهو الإعلان المفاجئ الذي حمل في طياته رغبة أردنية خالصة بكسر آخر حلقات الجمود بين الجارتين الشقيقتين.
خلال أكثر من 15 عاما، ومنذ الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، انفض العرب عن الدولة الشقيقة تحت ذرائع عديدة، لم تكن أي منها واقعية، ما ساهم في أن يبتعد الساسة العراقيون عن محيطهم العربي، وبالتالي تقوية حلفهم مع إيران التي ملأت فراغ غياب العرب. 
صوت الحكمة كان يأتي دائما من الأردن الذي دعا العرب إلى أن يدعموا العراق، وألا يتركوه وحيدا، والإسراع في فتح سفاراتهم هناك، والعودة إلى إقامة علاقات طبيعية معه. غير أن تلك الدعوات لم تجد آذانا صاغية في الغالب، وغرقت البلاد العربية بمشاكلها السياسية والاقتصادية، ليصبح الموضوع العراقي شأنا قليل الأهمية لدى عديدين.
اليوم، يأخذ جلالة الملك هذه الدعوة إلى خطوة أبعد، حين يقرر زيارة العراق، خصوصا أن القيادة السياسية في البلدين وصلت إلى قناعة نهائية بضرورة الانفتاح والتعاون في جميع الملفات المطروحة بشدة في المنطقة؛ السياسية والاقتصادية، وأيضا القناعة بأنه ما من علاقات يمكن لها أن تحل مكان العمق الاستراتيجي الذي يمثله البلدان بعضهما البعض.
في زيارته التاريخية إلى بغداد الاثنين الماضي، استطاع جلالة الملك أن يحرك كل المياه الراكدة، والملفات العالقة بين البلدين، خصوصا أن الجانب العراقي يمتلك اليوم منظورا آخر للعلاقة مع الأردن بعدما وقف الأردن إلى جانب العراق في معركته ضد الإرهاب الذي أسال كثيرا من الدماء البريئة خلال سنوات طويلة، وبعدما ظل الأردن حريصا على أن يكون الداعم والساند للسياسات العراقية التي اجتهدت في بسط سيطرتها على الأرض بعد سنوات من الانفلات الأمني.
الساسة العراقيون عبروا عن تقديرهم الكبير لهذه الزيارة، فالرئيس العراقي اعتبرها زيارة تاريخية ومشهودا لها عند جميع العراقيين، وأنها ستمنح العلاقات بين البلدين بعدا آخر. وأيضا، نحن نعتبرها بهذا الحجم، وأنها سوف تنقل العلاقات بين البلدين إلى مرتبة أعلى.
لن نكتفي بالقول إن هذه الزيارة تاريخية، فهو تعبير قليل عما تمثله، خصوصا أنها تأتي في ظل ظروف معقدة تمر بها المنطقة وملفاتها العالقة. وأيضا بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة التي نعيشها في الأردن بعدما علقنا بين حدود ملتهبة عطلت صادراتنا إلى الخارج، وأثّرت على نسب النمو الاقتصادي، وزادت من مديونيتنا، وأنهكت اقتصادنا بجميع أركانه.
اليوم، هناك العديد من الملفات التي يمكن للبلدين التعاون فيها، فعلى الصعيد الاقتصادي، تم الاتفاق على إزالة جميع المعيقات أمام تدفق البضائع بين البلدين، كما تم التأكيد على المضي بتنفيذ أنبوب النفط من البصرة إلى العقبة، وغير ذلك من المشاريع والتفاهمات.
والأهم من ذلك، أن الساسة الأردنيين والعراقيين، باتوا اليوم أكثر يقينا أن الشراكة بين البلدين هي مطلب أساسي من أجل أن نستطيع الدفاع عن قضايانا العادلة وتحقيق التنمية، وأيضا، من أجل بناء نموذج شراكة، ربما، نستطيع تعميمه إطارا للعمل العربي المشترك.