أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    20-May-2017

انهيار البورصة آت .. فماذا أنت فاعل؟
فايننشال تايمز - 
في آذار (مارس) 2009 أجريت مقابلة مع عميل - سأدعوه نايجل - كان أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة مُدرجة في البورصة. كان يشعر بقلق شديد من انخفاضات في البورصة تراجع معها مؤشر فاينانشيال تايمز 100 نحو 50 في المائة خلال الـ 15 شهرا السابقة.
كان نايجل يخشى من أن تستمر البورصة في الانخفاض. ولم يكن يتوقع إمكانية أن تتعافى من انخفاضها السابق إلا بعد مرور عدة أعوام. لذلك أراد بيع المقتنيات في محفظته الاستثمارية، وتحويل العوائد إلى نقود والخروج من اضطراب السوق.
تُظهر جميع البحوث الأكاديمية أن العواطف لها تأثير كبير في سلوك المستثمرين وكيفية اتّخاذ القرارات. هذا غالباً ما يُمكن أن يؤدي إلى عدم حصول المستثمرين على العوائد المتاحة التي يمكن الحصول عليها، ونتيجة لذلك يسجلون عوائد مالية ضعيفة.
وتُظهر البحوث أيضاً أننا حساسون تجاه الخسائر المالية مرتين ضعف حساسيتنا تجاه تحقيق المكاسب، وبالتالي عند منحنا الخيار قد نفضّل تجنّب الخسائر أكثر من السعي لتحقيق العوائد.
هذا يُمكن أن يدفعنا إلى اتّباع نهج استثماري مفرط الحذر يضمن إلى حد كبير أن تنفد نقودنا. إذا كنت مثل نايجل وأردت تحويل الاستثمارات الخطرة إلى نقود بعد انخفاض كبير، فإنك تُخاطر بجعل الخسارة المؤقتة دائمة.
الطريقة التي يُقدَّم فيها الوضع إلينا - المعروفة بالإطار - يُمكن أيضاً أن تؤثر في قراراتنا المالية، دون إدراك منا لتأثير الإطار، ما يؤدي إلى خيارات استثمار غير منطقية. توقعاتنا المالية لها أيضاً تأثير كبير في السلوك لأن مشاعر خيبة الأمل أو الندم أو الجشع هي مشاعر قوية تلقي بظلالها على الحُكم الجيد.
الاتجاه العام للبورصات العالمية في البلدان المتقدمة هو ارتفاع مستمر لا يتوقف في القيمة على المدى الطويل جداً، تتخلله حالات انخفاض منتظمة وأحياناً كبيرة جداً. كقاعدة، البورصات ترتفع في ثُلث الوقت، وتنخفض في ثُلث آخر من الوقت، وتنتعش في ثُلث آخر.
لذلك ستشهد البورصات العالمية انهيارا لا يستهان به في المستقبل. هذه ليست مسألة ما إذا كان الانهيار سيحدث، وإنما متى سيحدث، وكم مقدار الانخفاض الذي سيحدث، وعلى أي مدى زمني؟ والسؤال المهم هو: كيف سنتصرف عندما يحدث؟
في عام 1972 حققت البورصة البريطانية عائدا إجماليا بلغ 17.9 في المائة، لذلك استثمار 100 ألف جنيه في بداية ذلك العام كان سينمو إلى 117900 جنيه قبل التكاليف. في عام 1973 انخفضت السوق 27 في المائة، ما يعني أن المحفظة نفسها كانت ستنخفض إلى نحو 86 ألف جنيه.
العام التالي شهد السوق تنخفض بنسبة هائلة بلغت 50.4 في المائة، ما أدى إلى تخفيض قيمة محفظتنا الافتراضية إلى 42700 جنيه. لو كانت المحفظة قد تأسست في بداية عام 1973، فإن القيمة في نهاية عام 1974 كانت ستكون أقل حتى من ذلك ـ سيصل الرقم إلى 36200 جنيه.
لنتخيل الآن أن أداء السوق في الفترة بين 1972 و1974 حدث لنا اليوم. في غضون أقل من ثلاثة أعوام ستنخفض محفظة أسهمنا من حيث القيمة الاسمية إلى نحو ثُلث قيمتها الأصلية. ماذا سنفعل؟
إذا كنّا مثل كثير من المستثمرين (غير العقلانيين)، المدفوعين من ألم رؤية محفظتهم تخسر الكثير من المال، من المرجح أن نحوّل مقتنياتنا إلى نقود ونضعها في حساب ادّخار. نتيجة لذلك، سنفوّت بعد ذلك ارتفاع السوق بنسبة 145.2 في المائة الذي حدث في عام 1975، والارتفاع بنسبة 2.6 في المائة في عام 1976، وكذلك الارتفاع بنسبة 48.7 في المائة في عام 1977.
بحلول نهاية عام 1977 ستكون نقودنا (المودعة في حساب ادخار) تساوي نحو 54 ألف جنيه مع الفائدة المركبة، في حين لو أنك أبقيتَ على المحفظة فإنها ستكون مساوية ما يُقارب 160 ألف جنيه. هذا الفرق البالغ 104 آلاف جنيه يُمثّل ما يُشير إليه الأكاديميون بـ "فجوة السلوك"، التي تدل على التكلفة الحقيقية لاتّخاذ قرارات مالية مدفوعة عاطفياً.
بالنسبة لمعظم الناس، أفقهم الزمني للاستثمار سيكون أطول بكثير مما يُمكن أن يستغرق أسواق الأسهم للتعافي من الانهيار وتحقيق مكاسب جديدة.
ستكون لدى شخص يبلغ من العمر 65 عاماً، مثلا، فترة أنموذجية للاحتفاظ بالاستثمار تصل إلى نحو 30 عاماً. الشباب الذين لا يزالون يجمعون الثروة، قد يبحثون عن استثمار لمدة 50 أو 60 عاما. انهيار السوق، مع أنه مزعج للغاية وغير سار، ينبغي أن يُنظر إليه في سياق العمر المتبقي للشخص.
واحد من الأمور التي نحصل عليها دون مقابل في الاستثمار هو أن يكون متنوعا عبر مختلف فئات الأصول. إذا كانت المحفظة تحمل بعض الأصول الأقل خطورة، عندها رحلة العائد ستكون أكثر سلاسة، لأننا لن نواجه 100 في المائة من انخفاضات أسواق الأسهم. لكن الثمن الذي ندفعه من المرجح أن يكون عوائد استثمار أقل على المدى الطويل.
توصف البورصات بأنها آلة تصويت على المدى القصير، على اعتبار أنها علامة على المشاعر الحالية والثقة بين المستثمرين. وعلى المدى الطويل، هي أقرب إلى كونها ميزانا، بمعنى أنها علامة على القيمة الحالية للأرباح الحالية والمستقبلية من الرأسمالية.
عندما جاء نايجل لرؤيتي خلال أزمة السوق عام 2009، سألته ثلاثة أسئلة:
أولا، هل تملك ما يكفي من النقود المحفوظة في شكل ودائع لتلبية احتياجات الإنفاق الخاصة بك خلال فترة العامين إلى ثلاثة أعوام مقبلة؟
ثانيا، هل تؤمن بالرأسمالية وقدرتها على إيجاد الثروة على المدى الطويل؟
ثالثا، هل الأفق الزمني لمحفظتك الاستثمارية يزيد على 25 عاماً؟
نايجل أجاب بنعم عن الأسئلة الثلاثة. لذلك اقترحت عليه أن يتوقف عن الشعور بالقلق حول ما لا يُمكنه السيطرة عليه - البورصة - وبدلاً من ذلك التركيز على ما يُمكنه السيطرة عليه - مشاعره - وترك محفظته لشأنها.
تُظهر محفظته اليوم مكاسب بنحو مليوني جنيه، مقارنة بخسارة تبلغ مليون جنيه كان سيُعانيها لو أني سمحت له بتحويل محفظته إلى نقود. هذا مقارنة بخسارة بقيمة 800 ألف جنيه حققها على محفظة أخرى يحتفظ بها في مصرف خاص معروف، اتّبع تعليماته وحوّل مقتنياته إلى نقود خلال ذروة الركود الذي وقع عام 2008/2009.
انهيار البورصة سيحدث لأنه يحدث دائماً. قد نُفكّر على النحو التالي: إذا كان الانهيار حتميا عندها سأحول كل شيء إلى نقود الآن ثم أعيد استثمار كل شيء عند أدنى مستوى للسوق. المشكلة في هذا النهج هي أنك في الواقع تزيد من المخاطر لأنه يتعين عليك أيضا أن تتخذ قرارا بخصوص الوقت الذي تريد أن تدخل فيه البورصة مرة أخرى. لو أنك فوَّتَّ فقط أفضل الأيام القليلة من عوائد البورصة في سنة معينة، لأنك كنتَ خارج وضع الاستثمار خلال تلك الفترة، فإن هذا سيؤدي إلى عوائد أدنى بكثير على الأمد الطويل. الأمر المهم في تدبير طريقك خلال الانهيار التالي هو أن يكون لديك بيان مكتوب بالسياسة الاستثمارية، يبين الطريقة التي تستثمر بها والسبب في ذلك الاستثمار، استنادا إلى تقييم سليم لقدرتك النفسية على تحمُّل المخاطر والعوائد التي تحتاج إليها من أجل تمويل أهدافك في الإنفاق على مدى حياتك. عندها كل ما تحتاج إليه هو أن تفهم بشكل واضح الطريقة التي يمكن أن تستجيب بها عاطفيا – وأن يكون لديك شخص تستطيع الاتصال به من أجل أن يُبقيك منضبطا في وجه عوامل اللبس.