أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2020

محنة العاملات المنزليات الأجنبيات في لبنان تضع نظام الكفالة المُحابي لأرباب العمل مجدداً تحت المجهر

 أ ف ب: تغلب الدموع الإثيوبية تيرسيت بعد إنهائها توضيب حصص غذائية مخصصة لعاملات في الخدمة المنزلية وجدن أنفسهن بلا عمل بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان، وتنتقد بشدة نظام الكفالة الذي يجعلها وبنات بلدها تحت رحمة أرباب عملهن.

وتقول الشابة (30 عاما) بانفعال «هذه المكاتب تبيعنا»، وتضيف «إذا جئت للعمل لدى سيدة ولم أعجبها، قد تضربني أو تمنع عني الطعام. وإذا أردت تغيير المنزل أو المغادرة إلى بلدي فلا أستطيع». وتتابع القول «تقول لي المدام: أنا اشتريتك، إدفعي لي ألفي دولار وغادري إلى حيث تشائين».
ويعيش في لبنان نحو 250 ألفاً من عمال الخدمة المنزلية، غالبيتهم العظمى من النساء اللواتي يحملن تصاريح عمل، ويتحدر القسم الأكبر منهنّ من إثيوبيا. ولا يشمل قانون العمل اللبناني، المتحيز لأرباب العمل، عاملات المنازل المهاجرات اللواتي يخضعن لنظام كفالة، يربط إقامتهن القانونية بعلاقة تعاقدية مع أرباب العمل.
ويمنح هذا النظام أصحاب العمل «سيطرة شبه كاملة» على حياة العاملات الأجنبيات، ويجعلهن عرضة لكل أشكال الاستغلال وسوء المعاملة مقابل رواتب ضئيلة تتراوح بين 150 دولاراً و400 دولار في الشهر.
ولا يمكن للعاملة بموجب النظام، الذي تندّد به منظمات حقوقية وإنسانية، فسخ العقد من دون موافقة المُشغِّل الذي يصبح كفيلها، بعد دفعه مبلغاً يتراوح بين ألفين وخمسة آلاف دولار لمكاتب الاستقدام. ولا يمنع القانون رب العمل من مصادرة جواز سفرها. وفي حال فرارها، تصبح إقامتها غير قانونية. وتقول تيرست، التي عانت على مدى 12 عاماً، بحدّة «يجب أن يتغير شيء».
ومع تدفق العشرات من العاملات إلى مقر القنصلية الإثيوبية في بيروت، بعد طردهن من منازل مخدوميهن ومصادرة رواتبهن وحتى جوازات سفرهن على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع والعجز عن دفع رواتبهن بالدولار، تجددت المطالبة بإلغاء نظام الكفالة.
وأعاد الانهيار الاقتصادي، الذي يشهده لبنان منذ العام الماضي وهو الأسوأ منذ عقود، تسليط الضوء مجدداً على مساوئ نظام الكفالة. فمع شُحّ الدولار والقيود المصرفية المشددة، باتت شريحة واسعة من اللبنانيين عاجزين عن دفع الرواتب بالدولار للعمال الأجانب في منازلهم أو مؤسساتهم.
وبات بعضهم يدفع بالليرة اللبنانية التي تدهورت قيمتها وأصبح تحويلها إلى الدولار عملية خاسرة للعمال الذين يرسلون الأموال إلى عائلاتهم. وانتشرت ظاهرة تسريح العاملات أو إعادتهن إلى المكاتب التي استقدموا عبرها أو حتى رميهن أمام قنصلية بلادهن.
ووصلت أكثر من مئة إمراة، وفق ناشطين، إلى أمام القنصلية، غالبيتهن بعد طردهن من قبل مشغليهن من دون أن ينلن مستحقاتهن وسط اقتران أزمتي الاقتصاد وكورونا التي أغلقت المطار منذ منتصف آذار/مارس.
ولم تجد العديدات منهن آذاناً صاغية لدى القنصلية، ما اضطرهن للنوم على الرصيف في العراء بانتظار تأمين مأوى لهن.
وحسب منظمة «أطباء بلا حدود» فقد تم نقل ست عاملات إلى المستشفى لمعاناتهنّ من كآبة شديدة، بينهن من تعرضن لعنف جسدي وجنسي.
وخارج القنصلية، رُفعت لافتة كتب عليها «أنهوا نظام الكفالة، رحّلوهن». كما جمعت عريضة على الإنترنت تصف نظام الكفالة بـ»عبودية حديثة» ثلاثين ألف توقيع منذ مطلع الشهر الحالي.
وحسب تقرير سابق لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»2008، تموت عاملة في الخدمة المنزلية كل اسبوع في لبنان، غالبيتهن جراء الانتحار أو الاقدام على رمي أنفسهن من طوابق مرتفعة غالباً خلال محاولتهن الفرار. ويُرجح ناشطون أن يكون العدد قد تضاعف مؤخراً.
ويوم الخميس الماضي عُثر على عاملة إثيوبية مشنوقة داخل منزل مخدوميها في شرق لبنان، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للاعلام.
وتطالب المنظمات الدولية لبنان بإلغاء نظام الكفالة وليس إصلاحه، لأنه غير قابل للإصلاح.
وتقول ديالا حيدر، الباحثة لدى «منظمة العفو الدولية»، أنه يتوجب على السلطات إلغاء هذا النظام وجعل العاملات يخضعن لأحكام قانون العمل ومنحهن الحق في تكوين نقابات.
وتقول وزارة العمل اللبانية أنها تعمل مع «منظمة العمل الدولية» من أجل تحسين شروط عقد العمل الموحد.
وتضمنت المُسوَّدة الأخيرة التي نوقشت يوم الجمعة الماضي، وفق حيدر «حق العاملات (…) في إنهاء العمل عند الرغبة وفي تغيير العمل من دون الحصول على موافقة رب العمل الحالي».
إلا أنه لم يصار إلى اقراره بعد. وفي حال تمّ ذلك «فلا يُعدُّ تبني عقد جديد كافياً ما لم يتضمّن آليات تفتيش وتطبيق» لئلا تتكرر حالات الطرد التي جرت خلال الأسابيع الماضية.
وتوضح حيدر أن «عقد العمل الموحّد الحالي ينصّ على دفع الرواتب في الوقت المحدد وتوفير السكن وتغطية نفقات بطاقات عودتهن، إلا أنّه في غياب آلية تطبيق، يشعر أرباب العمل أن في إمكانهم خرق العقد والنفاد من العقاب».
والعديد من العاملات اللواتي توافدنّ إلى أمام مقر قنصلية بلادهن، لا يحملن جوازات سفرهن، ما يجعل تعقب أرباب عملهن مهمة صعبة.
ويتحدث مصدر أمني لبناني عن «ظاهرة جديدة يلجأ لها بعض الكفلاء اللبنانيين»، مشيرا إلى أنهم «صاروا يرمون الفتيات الأثيوبيات في الشارع ثم يعمدون إلى الادعاء عليهن بجرم سرقة المنزل الذي كُنَّ يعملن فيه».
ويقول أن «الهدف التخلّص من الدفعة الشهرية لعاملة المنزل الأثيوبية ومحاولة للتهرّب من باقي الدفعات المترتّبة عليهم».
وتقول الناشطة الإثيوبية تسيجيريدا بريهانو (25 عاماً) أنها تحلم بإلغاء نظام الكفالة يوماً ما، لكن حتى ذاك الحين، تحثّ أرباب العمل على إبداء التعاطف.
وتضيف المتطوعة في مؤسسة «إنيا لينيا» غير الحكومية، التي أسّستها عاملات مهاجرات في لبنان وتُعنى بالدفاع عن حقوقهن «حتى لو لم يكن لديك المال، لا ترمِها في الشارع». وتشدد على أن العاملة «ليست قمامة، بل هي إنسان مثلك».