أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2020

الحمائية والحرب العالمية الثالثة*د. شهاب المكاحله

 الراي

منذ أن اعتلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب سُدة الرئاسة، بدا مصمماً على أن تكون الصين همه الأول حيث أعلن حرباً تجارية واقتصادية ضدها وبدا منسوب التوتر السياسي بين واشنطن وبيجين يتصاعد يوماً بعد يوم. هذه الحرب التجارية هي من أجل مجابهة القوة الاقتصادية الصينية التي وفق ما قاله ترمب في عدة مناسبات تسببت في سرقة الصناعات الأميركية بل وتسببت في إغلاق بعضها في عدة ولايات لأن تلك الصناعات انتقلت إلى الأراضي الصينية ومن ثم بدأت تعيد تصديرها إلى الشعب الأميركي.
 
ولما كان ترمب يسعى إلى فرض الحمائية للسلع الأميركية لأنه يرى بأن الحل لتلك المعضلة يكمن في استعادة الصناعات الأميركية ومكانتها كونها تزيد من نسبة الوظائف في السوق المحلي وتوفر فرصا كثيرة من العمل للشباب الأميركي، فقد شهدنا في الآونة الأخيرة زيادة كبيرة في أسعار الرسوم الجمركية على المواد الخام التي تستخدم في الصناعات الثقيلة ومنها الرسوم المفروضة على الحديد والألمنيوم. كل تلك إشارات إلى إعادة إنعاش الدول الكبرى للصناعات المحلية الثقيلة ومنها صناعات الحديد الصلب والألمنيوم لأنهما يستخدمان بشكل كبير في الصناعات العسكرية تماماً كما كان عليه الحال إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية.
 
فلا يمكن للدول الكبرى أن تعلن الحرب إلا إذا كانت قادرة تكنولوجياً ولديها قدرات ذاتية للصناعات الثقيلة. فما لم يكن لدى الدولة موارد خام وصناعات استراتيجية فإنه لا يمكنها الدخول في صراع أو نزاع عسكري قد يطيح بأمنها ومستقبلها السياسي. ولما كان الحديث عن الصراع الأميركي الصيني، فإن واشنطن لا يمكنها الدخول في حرب مباشرة مع بيجين بل يمكن اتباع تكتيكات رياضية منها اللعب على الأطراف والمناورة، أي اللعب على حدود الدولة لما لذلك من أثر أمني كبير على الجيش والقوات المسلحة للدولة المستهدفة.
 
نسير اليوم جميعاً نحو إنهاء العولمة والتحول إلى المحلية للصناعات مع التركيز على الصناعات الاستراتيجية. ففي العام ٢٠١٦ وجدت قيادات الدول الكبرى أن الحمائية للصناعات والموارد المحلية هي الطريق الصحيح نحو التقدم والتفوق. بل باتت الحمائية ستاراً تختبئ وراءه الدول لتحقيق المزيد من النفوذ العالمي والحصول على تنازلات من الأطراف الأخرى. وهنا الحديث لا ينطبق على دولة بحد ذاتها بل على عدة دول أوروبية وأميركية وأسيوية.
 
لذلك نرى الصين في أفريقيا حيث الموارد الطبيعية اللازمة للصناعة العالمية وحيث السوق الأفريقية الواعدة التي تشكل أكثر من مليار نسمة.
 
نحن أمام حسابات عالمية وإقليمية لصياغة نظام عالمي جديد يبتدئ بحماية الصناعة المحلية ما يعطي دفعة للدول التي تسعى للسيطرة العالمية. فلا يمكن أن تشن دولة حرباً وتوسع نفوذها ما لم يكن ذلك مصحوباً بالاستغناء عن الخارج وبناء الصناعات المحلية الثقيلة الاستراتيجية التي تتيح لها التفوق على منافسيها. فجائحة كورونا ساعدت كثيراً في التوجه نحو الحمائية والعودة من جديد للصناعات المحلية. فمن لا يملك صناعته وزراعته يفقد هويته وحاضره ومستقبله.