أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jul-2018

مهنة اللطم* زيان زوانة
عمان اكسشينج -
مظاهرات أهل البصرة بسبب انقطاع الماء والكهرباء في درجة حرارة تقارب الخمسين ، وتشجيع العرب لفرق المونديال العالمية وليس بينها فريقا عربيا ، وإعجاب العرب بزعماء عالميين على إنجازاتهم لشعوبهم ، من أردوغان إلى بوتين إلى مهاتير محمد ، أعادني لخبر قرأته عن بعض بلدان إفريقيا ، حيث يستأجرون  النساء مقابل المال ليبكون في المآتم على بعض من يتوفاهم الله ، وذلك لإظهار أهمية المتوفي ومكانته الإجتماعية .
وعاد بي شريط الذكريات إلى أول سنة من دراستي الجامعية في القاهرة ، عندما اشتريت وزميلين آخرين ، رحم الله أحدهما ، ومدّ الله في عمر الثاني بالصحة ، شقة عشنا بها أول ثلاث سنوات من دراستنا ، وكانت في تلك الأيام منطقة سكنية جديدة في القاهرة على أطراف قريبة من منطقة " الدقي " المعروفة واسمها " مدينة المهندسين " ، التي تقبع بجوار منطقتين سكنيتين شديدتا التناقض ، الأولى راقية بكلّ المعايير وقريبة من أحد نوادي الطبقة المصرية الميسورة ( نادي الصيد ) ، والثانية شعبية شديدة الفقر( بولاق الدكرور ) . وتجنبا لتعب المواصلات العامة ، كنت أذهب إلى كلية التجارة في جامعة القاهرة سيرا على الأقدام من طرف هذه المنطقة المعدمة عبر شارع ( بين السرايات ) يوصلني مباشرة إلى الكلية . كنت أشاهد في هذا الشارع ، في ذهابي وإيابي ، هموم السواد الأعظم من شعب مصر . ولفت انتباهي أنهم يقيمون سرادقا للعزاء على جانب الشارع وأحيانا في الشارع ، وكان " السرادق " إسما ومضمونا جديدا على شاب أردني وصل القاهرة للدراسة ، لكنّ ما لفت انتباهي أكثر، مشاهدتي لسيدات في لباسهن المصري الشعبي يلطمن وجوههن في العزاء بحرقة واضحة ، ودعاني لسؤال بعض الزملاء المصريين ، الذين ضحكوا وأضحكوني عندما قالوا لي إنهن " الندّابات " ، نساء يمتهن البكاء والصراخ ولطم الوجوه في المآتم ، لإظهار أهمية المتوفي .
لم تنتقل لمجتمعنا الأردني عدوى " الندابات " ، بينما شاع الإعلان في الصحف اليومية عن الوفاة ، والتباهي بنشر صفحات وصفحات من النعي ، من الأهل والأصدقاء وغيرهم ، وكذلك التباهي في أعراس الأردنيين وحفلات أعياد ميلادهم ، مما يشكل مخالفة مجتمعية إنسانية ، وتحد لخلق الله الآخرين ، بينما انتقل " السرادق " ، حيث أصبحنا نراه  في الأفراح والأتراح ، بأنواعه وكلفه المختلفة ، التي ترتفع بارتفاع مكانة المتوفي وقدرته المادية .
 وخطر لي سؤالا ‘ترى ، هل نحتاج " لندابات " على واقعنا العربي؟ وكم عدد ما نحتاج منهن  ؟