الدستور - ليس من باب الصدفة ان يناقش مجلس الوزراء امس موضوع ( تفاقم خسائر شركة الكهرباء الوطنية) وعزا ذلك بشكل رئيسي الى انقطاع الغاز المصري، مع تواجد بعثة صندوق النقد الدولي التي تجري مراجعة خامسة لاداء الاقتصاد الاردني، حيث تطالب البعثة الحكومة برفع اسعار الكهرباء خلافا لبنود برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي الذي ابرم قبل ثلاث سنوات، واجراء تغيرات جوهرية في قانون ضريبة الدخل، وازالة الدعم عن الخبز والاعلاف في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية ضاغطة في البلاد.

القرارات التي اتخذتها الحكومة خلال العامين الماضيين بخاصة رفع اسعار الكهرباء الى مستويات عالية وفوق مستوى تكلفة توليد وتوزيع الطاقة لاكثر من 50% من الطاقة الكهربائية المستهلكة، وشملت كبريات الشركات من الاتصالات والبنوك والتعدين والقطاع التجاري، والمستهلكين بأكثر من الف ك وات / ساعة فأكثر، يفترض ان تكون كافية، وتؤدي هذه الزيادة على الكهرباء الى تضييق الفجوة مابين كلفة وبيع الطاقة الكهربائية لا تعميقها.

وفي نفس الوقت انخفضت اسعار النفط والمنتجات البترولية ( لاسيما الديزل وزيت الوقود ) في الاسواق الدولية بشكل كبير، اي ان تكاليف توليد الطاقة انخفضت، وبالتالي يفترض ان تتراجع خسائر شركة الكهرباء الوطنية وليس بالعكس حسب التصريحات الرسمية التي تقدم فقط ارقام صماء، واعتقد ان المطلوب تقديم الارقام كاملة وبنزاهة للمواطنين والمراقبين، من حيث كلف الانتاج وايرادات بيع الطاقة الكهربائية، والعجز الحقيقي.

ارقام الخسائر المتراكمة المقدرة منذ بداية العام وحتى نهاية العام بنحو 1450 مليون دينار ( 2044.5) مليون دولار امريكي، وحسب تكاليف شراء النفط من الاسواق الدولية فان هذه المبالغ تشتري 20 مليون برميل نفط خام او ما يعادل ثلاثة ملايين طن، وهي تعادل اكثر من 60% من احتياجات الاردن من النفط الخام والمنتجات البترولية...وهذه تشير الى حقائق مفزعة ...الاولى ان الشعب الاردني وكل من يقيم على اراضيه من مستهلكين ومستثمرين لايسددون فلسا واحدا لقاء الطاقة الكهربائية...وهذا غير واقعي، والثانية ان هناك تضخيما لخسائر الكهرباء الوطنية يصل حد الضحك.

فزاعة خسائر شركة الكهرباء اصبحت  غير مستساغة ، والسؤال الذي يطرح هنا، ما المطلوب من الاردنيين لتمكين الحكومة من معالجة هذا الملف؟ ..هل يكتفون بسراج واحد على الزيت حتى يفرجها الله..؟، البعض يردد ان محاولة تحميل خسارة الكهرباء الوطنية للغاز المصري المقطوع عن المصريين عن انفسهم، وتضخيمها، لتسهل الحكومة اقناع النواب وعامة المواطنين لقبول استيراد الغاز الاسرائيلي المرفوض من الشارع الاردني بشكل عام.. !!