الراي...نتذكر مقولة الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان الذي يقول فيها» نظرة الحكومات إلى الاقتصاد يمكن أن نلخصّها بالاختصارات القصيرة التالية: اذا كان الاقتصاد يتحرك، افرض الضرائب عليه. إذا استمر بالتحرك، نظمّه. وإذا توقف عن التحرك، ادعمه.» هذا يقودنا الى عنوان المقالة الاقتصاد الرمادي وتعريفه وأهميته وتأثيره على الاقتصاد ككل. يُعرّف الاقتصاد الرمادي بأنه» الاقتصاد الغير رسمي، وذلك الجزء من الاقتصاد الذي لا تُفرض عليه الضرائب، ولا يُراقب من قبل الحكومة. وهذا بخلاف الاقتصاد الرسمي، ونشاطات الاقتصاد الرمادي ليست مشمولة في الناتج القومي الإجمالي (GNP) والناتج المحلي الإجمالي (GDP) للدولة». هذا بالإضافة إلى مفاهيم أخرى يمكن أن نصف من خلالها الاقتصاد الرمادي، منها السوق السوداء ( اقتصاد الظل، الاقتصاد السري)، ومنها التبادل المفتوح للعلاقات وبشكل طوعي، ومنها السلوك الذي من خلاله يجب الاستجابة للتحديات، والذي يتطلب التفكير السريع، والتكيّف، والارتجال حتى نُنهي المهمة المطلوبة.
 
...يعود استخدام مفهوم الاقتصاد الرمادي للدكتور آرثر وليم لويس البريطاني، والحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقنصادية لعام 1979. وقد أراد من هذا النموذج في التنمية الاقتصادية وصف العمل وتوفير مصادر الرزق في المقام الأول في العالم النامي. وقد استخدم هذا النموذج أيضاً لوصف نوع العمل الذي ينظر إليه خارج القطاع الصناعي الحديث، وقد حدّد المشاركون في هذا النوع من الاقتصاد بأنهم» الذين لا يملكون الأمن الوظيفي، العمل الآمن، والضمان الاجتماعي.»
 
...يتمّيز الاقتصاد الرمادي ببعض الصفات والتي من أهمها، الدخول السهل، وهذا يعني أي شخص يرغب في الانضمام إلى القطاع سوف يجد نوعا من العمل الذي سيؤدي إلى الأرباح النقدية، وعدم وجود علاقات مستقرة ما بين صاحب العمل والموظف، نطاق العمليات ضيق، والمهارات المكتسبة خارج التعليم الرسمي أقل، وعادة ما يصّنف العمال الذين يشاركون في الاقتصاد الرمادي بأنهم عاملون، ولكن مما يجب ذكره هنا، أن نوع العمل الذي يشّكل الاقتصاد الرمادي متنوع، وخصوصاً من حيث رأس المال المستثمر، والتكنولوجيا المستخدمة، والدخل الناتج عن ذلك.
 
...وأخيراً، فان مدى طيف العمل في الاقتصاد الرمادي يمتد من العمل الحر مباشرة بدلاً من العمل للآخر مقابل الأجر أو الراتب، إلى العمل بدون أجر. والأنواع الأكثر انتشارا من العمل في الاقتصاد الرمادي العاملات في المنازل والباعة المتجولون. (العاملات في المنازل أكثر عددا، في حين أن الباعة المتجولون هم أكثر وضوحا) وجنبا إلى جنب يشكل القطاعان حوالي 10-15٪ من القوى العاملة غير الزراعية في البلدان النامية، وأكثر من 5٪ من القوى العاملة في البلدان المتقدمة. ورغم أن المشاركة في الاقتصاد الرمادي إما لأسباب اقتصادية أو غير اقتصادية، فان الدوافع الاقتصادية مثل القدرة على التهرب من الضرائب، وإمكانية التحايل على اللوائح ومتطلبات الترخيص، وإمكانية الحفاظ على بعض الفوائد الحكومية...الخ، كل ذلك يشجع البعض على العمل في هذا القطاع الاقتصادي!