أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Aug-2019

التمويل الإسلامي ومستقبل الاستثمار في الوطن العربي

 الراي-غسان الطالب

بعد مرور ما يقرب من الستة عقود على اولى تجارب المصرفية الإسلامية رغم تعثرها بعض الشيء في بدايات نشأتها، ممثلة بمصرف الادخار في مية غمر في مصر إلا انها استطاعت ان تنهض وتستعد لانطلاقة جديدة بعد منتصف السبعينيات من القرن المنصرم، واستطاعت ان تحقق مكاسب تسجل لها في الاسواق المصرفية المحلية والعالمية، ورغم ذلك إلا انها لا زالت في العديد من الدول العربية مثل مصر ودول المغرب العربي لم تسجل حضوراً كما هو في العديد من الدول العربية والإسلامية الأخرى ولاحتى على مستوى حضورها في بعض الدول الغربية كما رأينا في حالة التنافس الشديد بين عواصم هذه الدول لتكون مركزاً عالمياً للتمويل الإسلامي ونشاط مؤسساته مثل لندن وباريس وأخيراً لحقت ألمانيا وروسيا في السباق لجذب مؤسسات مالية إسلامية والسماح لها بأن تنشط على أراضيها أضف إلى ذلك النشاط الإعلامي على أراضي هذه الدول مثل عقد المؤتمرات والملتقيات الدولية المخصصة لقطاع التمويل الإسلامي، وبعد أن ترسخت القناعة لديهم بحقيقة الصناعة المصرفية الإسلامية وفاعلية أدواتها التمويلية في المساهمة في الإستقرار الإقتصادي، خاصة بعد الأزمة المالية والإقتصادية العالمية الأخيرة، كما كان لغياب دول عربية أخرى عن هذه الصناعة ولو كان بتواجد خجول مثل سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن بسبب الظروف السياسية وتداعيات الاضطرابات الأمنية والسياسية التي تشهدها هذه البلدان مما تسبب بحرمان الصناعة المصرفية الإسلامية لأسواق مهمة، وحرمان مجتمعاتها من الخدمات المالية المقدمة من هذا القطاع والملتزم باحكام الشريعة الاسلامية.
 
وللأهمية التي نراها في تعزيز مكانة البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والخدمات المالية التي تقدمها في مجتمعاتنا العربية دون استثناء فأنه وبكل تأكيد سينعكس إيجابا على اقتصاداتنها ويوفر مصادر تمويل إضافية تؤمن لها احتياجاتها التمويلية من جمع المدخرات المحلية والتي كانت بعيدة عن السوق المصرفية بسبب الوازع الديني لدى هذه المجتمعات، ورغبة الأفراد في الاستثمار الحلال بعيدا عن التعامل بالفائدة الدارجة في البنوك التقليدية، وكذلك من مدخرات جاليات هذه الدول التي تعمل في دول مختلفة وترغب بالاستثمار الحلال في بلدانها، بعد أن وقع العديد من هذه الجاليات لعمليات النصب والاحتيال، ابطالها شركات وهمية تدعي توظيف الأموال منذ ثمانيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، فخسرت اقتصادياتنا عشرات المليارات من الدولارات ذهبت إلى جيوب المحتالين، وبالنتيجة ضياع للمدخرات الوطنية وانعطاف سلبي وخطير لسلوك المدخرين من خلال التوجه للاحتفاظ بمدخراتهم على شكل مقتنيات غير منتجة وغير فاعلة في النشاط الاقتصادي، هذا من جانب ومن جانب اخر ستعمل على استقطاب رؤوس الأموال المهاجرة والتي تبحث عن مجالات استثمار آمنة، وتتطلع كذلك إلى حصة لها في صناديق الاستثمار السيادية سواءً المحلية منها أو الدولية. ما أردنا قوله أن الدول العربية التي تشهد غياب واضح للصناعة المصرفية الإسلامية تمثل في مجموع سكانها ما يزيد على ثلثي سكان الوطن العربي وما تعانيه اقتصاداتنا من دمار للبنية التحتية انعكس على اقتصادات بقية الدول، وتراجع لأدائها، حيث يقدر معدل البطالة بحوالي 17%، وتراجع للنشاطات الاستثمارية في كلا القطاعين العام والخاص وتبع ذلك هروب لرؤوس الأموال وبعض الاستثمارات للخارج اضافة إلى عدم قدرتها على جذب والأحتفاظ بالاستثمارات الأجنبية لديها، وما رافق ذلك من تراجع للاستثمارات العربية البينية في كافة القطاعات.
 
إن الوطن العربي مقبل على فرص هائلة للاستثمار منها ما هو متعلق بالتنمية المحلية والتنمية المستدامة ومنها ما يوجه لاعمار ما دمرته الاضطرابات الداخلية في البلدان المذكورة وتشير التقديرات الإحصائية إلى حاجة الوطن العربي لغاية العام 2020 إلى ما يقارب الـ 100مليون فرصة عمل، إذاً سنكون بحاجة إلى حجم هائل من التمويل لتغطية حاجاتنا لهذه المرحلة ومتطلباتها من المشاريع، وعلينا الاستعداد كمؤسسات مالية ومصرفية إسلامية للمساهمة الفاعلة في هذه المرحلة والاستعداد لتغطية المساحات التي غُيبت عنها هذه الصناعة، لكون البيئة الاقتصادية والشرعية مهيئة بانتظار أن تنضج البيئة القانونية والتشريعية لمزاولة هذا القطاع في البلدان التي لازالت مترددة أو ظروفها السياسية غير جاهزة.