أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2019

الزراعة المُكَثَّفة تلوث إحدى أكبر بحيرات المياه المالحة في اسبانيا

 أ ف ب: أمضى بيدرو مارتينيث-بانوس حياته في صيد الأسماك الوفيرة من مياه بحيرة مار مينور الإسبانية، إلا أن ذلك الوضع تغير أخيرا عندما أصبحت هذه الكائنات البحرية تصل نافقة بكميات كبيرة إلى الشاطئ.

ويقول بيدرو الذي يبلغ من العمر 50 عاما «أنا أعشق لهذا البحر. أعيش من خلاله ومن أجله. إذا أخذ مني فسأموت».
وبيدرو أب لثلاثة أولاد ونشأ على طول شواطئ ما مار مينور (أي البحر الصغير) في منطقة مورثيا الساحلية في جنوب شرق اسبانيا حيث تعوّد على إلقاء شباكه وصيد الأسماك الوفيرة لتأمين لقمة العيش له ولأسرته.
وكان هذا العام جيدا جدا بالنسبة إليه إذ كان يصطاد بقاربه الصغير حوالى 100 كيلوغرام من الأسماك يوميا. لكن الوضع تغير في 12 أكتوبر/تشرين الأول عندما انتشرت ملايين الأسماك والقشريات النافقة أو على وشك النفوق على شواطئ مار مينور.
ويتابع بحسرة «إنه أسوأ شيء قد يحدث لصياد وأسوأ مشهد قد تراه. إنها كارثة».
 
«الكارثة تضرب جوهرة التاج»
 
وشكلت الكارثة أيضا ضربة كبيرة لهذه البحيرة الساحلية التي جذب مناخها الدافئ وشواطئها الرملية الكثير من السياح، واكتسبت لقب «جوهرة التاج». وكانت عاصفة سامة تختمر منذ فترة طويلة تحت هدوء واحدة من أكبر بحيرات المياه المالحة في أوروبا الممتدة على مساحة حوالى 70 كيلومترا، وهي نتاج سنوات من التلوث الناجم ن الزراعة المكثفة والتنمية الحضرية المتفشية. ويقول خبراء ان الأسماك نفقت بسبب الاختناق الناجم عن «ظاهرة التَخَثُث»، وهو خطر بيئي يتسبب في انهيار الأنظمة البيئية المائية بسبب نقص الأكسجين في المياه.
ومع تحذير العلماء من ان التغير المناخي سيساهم في تفاقم ظواهر مماثلة، من المحتمل أن يكون الموضوع على جدول أعمال قمة المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة في مدريد.
يقول أوسكار إسبارزا، رئيس المناطق المحمية البحرية في» الصندوق العالمي للطبيعة» في اسبانيا «ما حدث في أكتوبر (تشرين الأول) كان بسبب ارتفاع مستويات التلوث التي تجمعت في البحيرة على مدى عقود ومعظمها من الزراعة المُكَثَّفة».
وعلى مدى سنوات، وصلت المياه الجارية على السطح المليئة بالنيترات إلى البحيرة مُسببة زيادة كبيرة في الطحالب، ما أدى إلى انخفاض كمية الأكسجين في الأعماق، الأمر الذي شكل جيبا من المياه السامة الفقيرة أو الخالية من الأكسجين، وهي المياه التي قضت على كل شيء يعيش هناك.
وقد ساهمت عاصفة كبيرة في سبتمبر/أيلول الماضي في ارتفاع طبقة الأكسجين إلى السطح ما أجبر الأسماك والقشريات على الفرار من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويتابع بيدرو غارسيا، مدير «المنظمة الاقليمية للمحافظة على البيئة»، بالقول «ما رأيناه فاق أسوأ ما يمكن تخيله… الموت بأعداد هائلة»، محذرا من أن هذا الامر قد يتكرر.
وفي رأي إسبارزا «لم يكن أحد يعتقد أن شيئا من هذا القبيل يمكن أن يحدث في مار مينور، لكن المجتمع العلمي كان يحذر منه لعقود» واصفا إياه بأنه «وقائع جرى توقعها».
ومعظم العناصر المتسربة مصدرها كامبو دي كارتاخينا، وهي منطقة شاسعة من الزراعة المكثفة أصبحت مساحتها عشرة أضعاف مما كانت عليه قبل 40 سنة وهي تغطي اليوم ما بين 50 ألفا و60 ألف هكتار.
ويلفت غارسيا إلى ان «كامبو دي كارتاخينا دافئة جدا في الشتاء ويمكن أن تنتج محصولين أو ثلاثة وفي بعض الحالات أربعة محاصيل في السنة»، موضحا أن الزراعة المكثفة «تحتاج إلى كمية كبيرة من الأسمدة».
 
تحد للمزارعين
 
لكن المجموعات الزراعية تصر على أنها غير مسؤولة عن هذه الأزمة. ويقول فيسينتي كاريون، الرئيس الإقليمي لجمعية المزارعين في تلك المنطقة «إن القطاع لا يتسبب بأي تلوث»، مضيفا أن كل العمليات «متوافقة تماما» مع التشريعات البيئية.
ويوضح أنه يتعين على المزارعين تحليل التربة كل عام «لضمان عدم وصول رواسب النيتروجين إلى مستوى معين من التخصيب»، مضيفا ان القطاع «لا يستحق أن يتّهم بالطريقة التي جُرِّم بها» على خلفية حادثة مار مينور.
وتعرضت الحكومة الإقليمية أيضا للاتقادات، إذ اتهمها ناشطون بيئيون بالفشل في إنفاذ قوانين حماية مار مينور، و»صرف النظر» عن مشكلة التلوث عندما أصبح هناك نمو متسارع ومربح للزراعة والتنمية المكثفة. لكن ميريام بيريث، المسؤولة الإقليمية في مار مينور، رفضت هذا الادعاء مُشيرة إلى اتخاذ ثمانية تدابير طارئة لحماية البحيرة ومراقبتها وتجديدها.
وقالت «نحن واثقون من أن مار مينور ستتعافى. ورغم أنها ضعيفة في الوقت الراهن، فإن نظامها الإيكولوجي قوي جدا وقادر على تجديد نفسه… لكنه يحتاج إلى بعض الوقت».
ويقول الباحثون ان المشكلات الناجمة عن تلوث المغذيات لن يتم حلها بين عشية وضحاها، وأن النماذج الزراعية يجب أن تتغير لمعالجتها.
وتشير شانتال غاسكويل، العالمة البارزة في المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الزراعية، إلى ان «التَخَثُث» هو قضية مهمة جدا تكلّف الأنظمة الإيكولوجية والبيئة الكثير.
وتضيف «إن خفض انبعاثات النيتروجين والفوسفور خطوة مهمة جدا، لذلك يجب أن تتغير الطرق الزراعية. هذه هي رسالتنا: يجب تغيير النظام الزراعي لخفض الانبعاثات بشكل كبير».
وهذا الامر قد يبدو تحذيرا للمناطق البحرية الأخرى. ويوضح اسبارزا «ما حدث هنا في مار مينور يمكن أن يحدث خلال 50 سنة في بقية البحر المتوسط»، لافتا إلى أن كليهما مغلق، وإلى ان البحار المحصورة تعاني من ضغوط بشرية شديدة والكثير من التلوث.