أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Jul-2015

الإدارة الحصيفة للديون غير العاملة - د.عدلي قندح

الراي -  الديون غير العاملة مصطلح رئيسي تستخدمه الجهات الإشرافية والرقابية على البنوك في العالم للتعرف على مدى جودة أصول البنوك وبالتالي الوقوف على سلامة أوضاعها المالية، وتعتمده البنوك لتصنيف قروضها حسب تعليمات البنك المركزي، التي تشترط أن تقوم البنوك بإعداد مخصصات تدريجية تقابل التسهيلات الائتمانية غير العاملة. وبالنسبة للبنك تعتبر مسألة تصنيف الديون بأنها غير عاملة بمثابة أبغض الحلال.

أعباء الديون غير العاملة على أي بنك تظهر بسبب تعليق فوائد تلك القروض وبسبب أخذ مخصصات على تلك الديون، مما يعني أن جزء كبيراً من أرباح البنك ستحجز ولن توزع حسب ما تسمح به التشريعات. كما أن ارتفاع نسبة الديون غير العاملة لمستويات تصل إلى أعلى من 10% تعتبر وفقاً للمعايير الدولية خطاً أحمر، لأن ذلك يعني أن نسبة كبيرة من محفظة القروض للبنك لا تحقق أرباحاً، وأن البنك يعمل فقط لتغطية المصاريف التشغيلية. إذاً لا يمكن التهاون مع مسألة الديون المتعثرة سواء كان الاقتصاد منتعشاً أو متباطئا أو راكداً.
الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي عام 2008 واستمرت آثارها حتى يومنا هذا، كان أهم مصادرها التأخر في السداد لنسبة 16%-20% فقط لمختلف أنواع القروض في القطاع العقاري في الولايات المتحدة الامريكية، ثم انتقلت بخطوط متشابكة من خلال الاسواق المالية العالمية والبنوك الى الاقتصاد العالمي.
في الأردن، ونتيجة لأسباب متعددة أبرزها تداعيات الازمة المالية العالمية ارتفعت نسبة الديون غير العاملة من 4.1% عام 2007 الى 8.5% عام 2011. ونظرا لادراك المعنيين لمدى انعكاس الاوضاع الاقتصادية الصعبة على العملاء، وحتى لا تتفاقم الصعوبات على المقترضين وخاصة ذوي الديون غير العاملة، وبهدف المحافظة على سلامة البنوك وللمساهمة في تنشيط القطاعات الاقتصادية صاحبة تلك الديون، قامت البنوك وبالتعاون مع البنك المركزي في السنوات الاخيرة بادارة الديون غير العاملة بطرق حصيفة مختلفة مثل اعادة الجدولة والتنفيذ على الضمانات والتسويات واعدام الديون وغيرها من الاساليب التي تلتزم وتتلائم مع تعليمات البنك المركزي والمعايير الدولية، فنجحوا في معالجة نسبة كبيرة منها. وقد انعكست نتائج تلك المعالجات على نسبة الديون غير العاملة من إجمالي الديون، فانخضت من 8.5% في عام 2011 إلى 5.6% في نهاية عام 2014. وهذه التطورات بلا أدنى شك تدعو للاطمئنان وزيادة الثقة بالجهاز المصرفي الاردني وتنعكس بالايجاب على الاقتصاد الكلي. فانخفاض النسبة يعتبر أحد مؤشرات سلامة ومتانة البنوك، كما أنها من أهم مدخلات تصنيف البنوك دولياً باعتبارها مؤشراً على نوعية أصول البنوك، فكلما كانت النسبة أقل كلما حاز البنك والاقتصاد ككل على تصنيفٍ أفضل. تجاوز نسبة الديون غير العاملة لمستوى 10% يعكس تجاوزاً للحدود الآمنة ويزيد من المخاطر الائتمانية التي يواجهها البنك. انخفاض نسبة الديون غير العاملة يعني إعادة استثمار أموال الديون وضخها مرة أخرى في الاقتصاد.
واذا ما تم الأخذ بنظر الاعتبار أن معدل نمو التسهيلات الائتمانية خلال السنوات الخمس الاخيرة قد كان بالمتوسط 8.5% سنوياً، لتبين بأن انخفاض النسبة لم يأتي نتيجة تشدد البنوك في منح الائتمان، وإنما جاء كنتيجة لقدرة البنوك على تقييم الملاءة المالية للمقترضين ومقدرتهم على السداد، ونتيجة لسلامة وحصافة السياسات الائتمانية للبنوك ككل، فاصبح عدد وحجم الديون غير العاملة التي تدخل في النسبة أقل من عدد وحجم الديون التي تخرج منها.
البنوك تقدم تمويلات لمختلف القطاعات الاقتصادية وفقاً لمعايير ائتمانية معروفة ووفقاً لشروط ائتمان محددة، أبسطها أن يكون المقترض قادر على تسديد تلك القروض. ونظرا لأن تكلفة الاقتراض على الشركات أقل من تكلفة التمويل بالملكية، فيبدو أن هذا ما كان يدفع العديد من الشركات المقتدرة للجوء إلى الاقتراض المصرفي كبديل عن إدخال مساهمين أو شركاء جدد، وهذا ما قد يفسر أن بعض البنوك قد تقوم بإقراض بعض الذين ليسوا مضطرين للاقتراض.
التوجهات العالمية بعد الأزمة المالية العالمية أصبحت تركز بشكلٍ أكبر على الإجراءات الاحترازية الجزئية والكلية، والتي تصب معاً في مفهوم الإدارة الحصيفة للبنوك. فحرص البنوك على أموالها يعكس مدى محافظتها على أموال المودعين والمساهمين وهو ما يحتسب نقطة لها وليست عليها. فحرص البنوك يعتمد على أسس واضحة وشفافة من خلال سياساتها الحصيفة لإدارة المخاطر وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير العالمية، ووفقاً لمتطلبات الجهات الرقابية والإشرافية على البنوك. الدروس التي يجب أن تبقى عالقة في الذهن من الأزمة المالية العالمية الاخيرة، أن الديون غير العاملة والتأخر في السداد كان كفيلاً بالتسبب في احداث أزمة مالية واقتصادية ضخمة في أكبر اقتصاديات العالم، وإن المعنيين في اقتصاد صغير بحجم الاقتصاد الأردني ليسوا على استعداد للمغامرة عند التعامل مع الديون غير العاملة ويعملون دائما على كبح نسبتها الى اجمالي الديون بمختلف الاساليب والطرق ومن خلال ادارتهم الحصيفة للتسهيلات المصرفية.