أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Sep-2020

البطالة*إسماعيل الشريف

 الدستور

«بعَرَق وجهك تأكل خبزًا، حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها، لأنك تراب وإلى التراب تعود»، سفر التكوين 3:19.
بلغت نسبة البطالة في الأردن 23 %، حسب الإحصائيات الرسمية، ومن المتوقع أن تصل أرقام البطالة في قطاع السياحة إلى 43 %، وذلك على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة من إطلاق المبادرات ورسم السياسات في سبيل تشغيل الأردنيين، وكان آخرها إعادة التجنيد الإجباري بصيغة تحد من البطالة وتخدم المجتمع، ولا ننسى بالطبع أوامر الدفاع المختلفة التي تحمي العامل.
والآن في ظل الكورونا والأوضاع الاقتصادية الصعبة وإغلاق كثير من الأعمال، فمن الطبيعي أن أرقام البطالة ستستمر في الصعود.
لدي فكرة ليست بالعبقرية ولا الجديدة، وهي مطبقة ومعمول بها في عدد من دول العالم المتقدمة، الفكرة ببساطة هي تخفيض ساعات العمل كأحد السياسات المتبعة للحد من البطالة بتوفير فرص عمل نتيجة هذا التخفيض، وقد تتحقق عبر زيادة أيام العطلة الأسبوعية لتصبح ثلاثة أيام، أو تخفيض عدد ساعات العمل الثماني والأربعين المنصوص عليها في قانون العمل الأردني، أو زيادة الإجازات السنوية والمغادرات والإجازات المرضية المدفوعة، أو تشجيع العمل عن بُعد، أو توفير ساعات عمل مرنة، أو مزيج من بعض أو كل هذا.
ألمانيا التي تحمل قارة أوروبا على أكتافها، أو ما يطلق عليها معلقي كرة القدم: «الماكينة الألمانية»، استخدمت هذا الطريق للمحافظة على نسب البطالة حول 7 %، ولديها تجربة تدرّس في هذا الإطار، ودول صناعية كبرى كفرنسا والدول الإسكندنافية قد خفضت ساعات العمل، وتُظهر تجربة مايكروسوفت التي منحت موظفيها ثلاثة أيام إجازة أسبوعية أنها قد أدت إلى فوائد جمة؛ منها تحسن في رضا العاملين، وزيادة الإنتاجية، وانخفاض كلف الكهرباء والمياه، والأهم من هذا كله زيادة عدد العاملين.
وفي ورقة تحمل عنوان: «ساعات العمل وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون» أعدت عام 2018، وصلت إلى استنتاجات أهمها؛ أن تخفيض ساعات العمل يوفر عددًا من الفوائد، منها تحسين مستوى حياة الناس الاجتماعية، وتخفيض انبعاثات الكربون، والحد من البطالة.
بالطبع هنالك من سيعترض على هذا الأمر بحجة منطقية؛ فتخفيض ساعات العمل سيؤدي إلى زيادة الكلف، وسيؤثر سلبًا على الاقتصاد في اقتصاد يعاني أصلًا من مشاكل عديدة، وسط انكماش اقتصادي عالمي.
وهنا يجب أن نرجع خطوة للخلف، وأن نتحدث عن فلسفة الاقتصاد الذي نريده، فهل أولويتنا هي تعظيم الأرباح وزيادة الاستهلاك وتحقيق نسب النمو التقليدية، أم أنها تحقيق العدالة الاجتماعية؟ ولماذا لا نعمل لبناء مجتمع يقلل من الاستهلاك واستنزاف الموارد وتراكم السلع والبضائع، ويوفر ساعات عمل أقل ورفاهية اجتماعية أكثر، والأهم تخفيض نسب البطالة؟
هذه التجارب لا تنجح من دون دور حكومي فاعل، منها - على سبيل المثال - منح الشركات التي تخفض ساعات العمل وتزيد من موظفيها تسهيلات ضريبية، أو المساهمة بجزء من رواتب الموظفين الإضافيين.
 بقي أن نقول: إن الدراسات تثبت أن تخفيض ساعات العمل يحسن صحة الإنسان بنحو 30 %، هو موضوع بحاجة إلى استكشاف وتمحيص من قبل أصحاب الاختصاص.