أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    23-Jan-2019

أحلام أنابيب الغاز.. تخفيض الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي

 الغد-ترجمة: ينال أبو زينة

 
لم ينحسر القلق لدى الدول الأوروبية منذ العام 2014، عندما قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوكرانيا، والتي تشكل الطريق الرئيسي التي توصل روسيا من خلاله غازها إلى الدول الأوروبية الأخرى.
ومنذ العام 2006، أوقفت روسيا ضخها الغاز في الأنابيب الأوكرانية 3 مرات، تاركة المستهلكين في المصب بحالة يرثى لها.
وقد فكر قادة الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة في مصادر أخرى، مثل الغاز الطبيعي المسال الأميركي مثلاً، لكن الأخير هذا أعلى تكلفة بكثير.
واشتعلت هذه المخاوف مرة أخرى مع ارتفاع واردات دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الروسي إلى مستويات قياسية في العام 2018.
وفي التاسع عشر من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، رفضت روسيا المطالبات الأوروبية بإطلاق سراح الـ24 بحارا أوكرانيا المحتجزين عقب أن استولت على ثلاث سفن من جارتها في تشرين الثاني (نوفمبر).
وتطالب أوكرانيا الآن بفرض عقوبات جديدة وشديدة على روسيا، مما يزيد من خطر أن تقطع الأخيرة إمداداتها مرة أخرى.
وفي الوقت نفسه، يشعر القادة الأوروبيون بالقلق إزاء “نورد ستريم 2” (إن إس 2)، وهو أنبوب مخطط له والذي من شأنه أن يحمل المزيد من الغاز الروسي تحت بحر البلطيق مباشرةً إلى ألمانيا.
وفي الثاني عشر من كانون الأول (ديسمبر)، أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يدعو إلى إلغاء المشروع، مستشهداً بأسباب أمنية، ولكن الأمر يبدو صعباً بعد تركيب 370 كيلومترا من الأنابيب في الحقيقة.
ويكمن المسار الآخر الذي يمكن اتخاذه في تطوير قنوات وإمدادات بديلة.
وقد أعطت السلطات الإيطالية، في السابع من الشهر الماضي، الموافقة النهائية على إنشاء المحطة الأخيرة لممر الغاز الجنوبي، والذي هو مشروع للاتحاد الأوروبي يرمي إلى استيراد الغاز الطبيعي من منطقة بحر قزوين.
وهذا المشروع مكتمل بنسبة ثلاثة أرباعه الآن على الأقل، فيما بدأ العمال توسيع خط الأنابيب فعلياً تحت البحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا.
وإذا ما سارت الأمور وفقاً للخطة الموضوعة، ستبدأ أنابيب بانورامية بتكلفة 40 مليون دولار تبدأ من أذربيجان بتوريد الغاز إلى أوروبا بدءا من العام 2020.
ولكن، بدلاً من زيادة أمن الطاقة، ربما يبرز هذا المشروع بشكل واضح كم هو من الصعب تخفيض الاعتماد الأوروبي على روسيا.
وكان المخططون في المفوضية الأوروبية قد اقترحوا في البداية إنشاء خط أنابيب من إيران أو تركمانستان. لكن إيران كما يعلم الجميع تخضع لعقوبات شديدة، بينما تبيع تركمانستان معظم إنتاجها من الغاز إلى الصين، مما قاد إلى التحول إلى الاستيراد من أذربيجان.
ويضم المشروع الآن دزينة من الشركات، بما فيها “بي بي”، إحدى شركات النفط الكبرى، و”سوكار” و”تباو”، شركتا النفط المملوكتان لحكومتي أذربيجان وتركيا على التوالي.
وعلى الرغم من سنوات من التخطيط للمشروع والتعقيدات التي مر بها، فإن قدرته الاستيعابية، والتي تبلغ 16 مليار متر مكعب سنوياً، لا تناهز حتى نصف ما كان المخططون الأوروبيون يأملونه.
ومن المقرر للمشروع أن يلبي حاجة 2 % من الطلب الأوروبي وبحسب أسعار السوق، فإن مشروع كهذا تنافسي في تركيا ودول جنوب شرق أوروبا، لكن الأمر ليس كذلك في أسواق أوروبا الغربية الأبعد.
وعلاوة على ذلك، فإن إحدى القائمات على تطويره ما هي إلا “لوكويل”، وهي شركة نفط تدعمها روسيا.
وفي شكله الحالي، لن يفعل المشروع هذا الكثير في كبح جماح اعتماد أوروبا على روسيا.
ومن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع لسببين رئيسيين أيضاً.
الأول هو أنه، بالإضافة إلى (إن إس 2)، ابتكرت روسيا خططاً خاصة بها لجلب الغاز إلى جنوب أوروبا. ومن المخطط لـ”تيرك ستريم”؛ خط الأنابيب المخصص لنقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود إلى تركيا، أن يبدأ عمله خلال العام الحالي.
وتخطط “غاز بروم”؛ عملاقة الطاقة الروسية (والمسهم الوحيد في إن إس 2)، لإنشاء خط أنابيب ثانٍ يمر عبر أوروبا، وهي تتفاوض الآن بشأن وجهته ومصباته.
وهذا ما يمكن أن يخفض من مدى تنافسية مشروع الاتحاد الأوروبي بواقع الحال.
والسبب الثاني هو أن التغييرات التي قد تجعل مشروع الاتحاد الأوروبي أكثر جدوى من الناحية التجارية غير محتملة الحدوث.
ويجادل مناصرو المشروع بأنهم يخططون لمضاعفة حجم الصادرات في حال تم توفير مزيد من الغاز، خاصة من تركمانستان.
لكن هذا التوسع ربما يتطلب مزيداً من البنية التحتية وتكاليف إضافية كبيرة أيضاً.
وتكمن إحدى الطرق لتجنب ذلك في تغذية غاز جديد من تركمانستان في مشروع الاتحاد الأوروبي من خلال صفقة مقايضة تشمل العبور مباشرةً من الأراضي الإيرانية.
لكن تجديد العقوبات الأميركية على إيران يستبعد هذا الخيار، كما ويعيق أيضاً تنمية موارد الغاز الغنية في إيران، والتي كان من الممكن -لولا هذا الواقع- أن تصدر إلى الاتحاد الأوروبي.
ولكن هناك على الأقل عملاقة طاقة واحدة تأخذ الخطة المقترحة بجدية، مؤمنةً بإمكانية توسيع هذا المشروع أيضاً.
لكن ليس من المطمئن للاتحاد الأوروبي أن هذه الشركة ليست إلا “غاز بروم” التي أوضح رئيسها التنفيذي أنها ستراهن على إمكانية وصول المشروع.
وتطلب اللوائح الأوروبية من هذا المشروع تأمين قدرات تتسع إلى للمورد الأكثر تنافسية من حيث التكلفة. وفي هذه الحالة، سيكون من الصعب منافسة مخزونات “غاز بروم” الهائلة وتكاليفها المنخفضة.
وعلى هذا الأساس، ربما ينتهي المشروع الطامح إلى تنويع إمدادات الغاز الأوروبية إلى تقديم مزيد من القوة للمورد الحالي غير المحبوب (روسيا).
 
“الإيكونوميست”